مجرد خربشات
1(براءة) كانت حمراء اللون ومغلفة بغلاف شفاف، في البداية ظننتها قطعة حلوى، حتى اني عندما شممتها بأنفي الصغير كدت أن أدوخ، قضمت منها قطعة صغيرة بحجم الحمصة، لكن صفعة المعلم على قفاي من الخلف اعادتني لرشدي، تبا، كيف لي أن أعرف أنها كانت ممحاة!!
2(بلل) لا أعرف ماالذي دعاني للألتفات للخلف والضحك حينها!لكن
المعلم البدين الأصلع لمحني، وبخطوتين إثنتين كان يقف فوق رأسي، قال :
-ماالذي يضحكك يا ابن الكلب! أتذكر إن وجهي في لحظتها قد احمر،كنت طفلا بالكاد أستطيع ابتلاع ريقي، أمسك بأذني الصغيرة ولواها، حتى كاد أن يقتلعها من مكانها، أتذكر أنني لم أبك، حاولت أن أبدو قويا في نظر الأطفال الآخرين! لكن وهو يكتب على السبورة بعد لحظات، أنا بللت نفسي!!
3(كل هذا الحب) لا أتذكر إن أبي صفعني مرة، حتى عندما كنت طفلا! ومازلت بعد سنوات طويلة أسأل نفسي هل كانت طريقته في تربيتي صحيحة! فمثلا لا أعرف أي حقير أخبره بأني أدخن السجائر حتى بعد أن مرت عشرات السنين على ذلك! كان قادما من سفر بعيد، وكنت أنا أتريض مع رفاق لي، قالوا :
-أنه اباك، ذاك الذي يحمل بطيخة كبيرة . هرولت إليه وأنا أكاد أطير من الفرح، حضور أبي معناه نقود كثيرة ستملأ جيبي الخاوي! لم أمد يدي لمساعدته، فالبطيخة التي كان يحملها بالكاد على كتفه الأيمن ،أكبر من أخي الرضيع! قال وهو يرحب بي :
-كيف حالك، سمعت بأنك تدخن سجائر،ستقتل نفسك. قالها بشكل كاد أن يجعلني أنشج باكيا، كانت طريقته في العتاب حنونة جدا، أحمر وجهي وتلعثمت، حتى أني تسمرت في مكاني، كانت مفاجأة، رحت احدق في ظهره شبه المحني، لقد نطق بكلماته دون أن ينتظر جوابا مني، بل أكمل سيره، أتذكر إني بعد سنوات عديدة من التدخين المستمر شعرت بقوة كلماته وحاجتي إليها، أدركت ذلك عندما حملوني على نقالة لغرفة الإنعاش لأصابتي بجلطة، بسبب التدخين!!
4 ( تسلية ) كنت أجذب العشب القصير بيدي في حديقة الزوراء، كنت أفعل ذلك بطريقة غاضبة ارتسمت بوضوح على ملامح وجهي!واضح إنها لن تأتي، لقد تأخرت كثيرا هذه المرة! فجأة حجب ظل لطيف ضوء الشمس، يا إلهي إنها هي! قالت وهي تعقد أجمل حاجبين:
-آسفة حبيبي، ليتك رأيت الأزدحام، أما الموبايل فأنظر بنفسك، أنه منطفىء وقد نسيت شحنه! أوه، لاتحدق هكذا، هل أنت غاضب مني! سحقا،ماذا تفعل وسط كل هذا الحشيش، كدت أن لا اعرفك، تصور!. انتبهت لنفسي، كان الحشيش قد وصل إلى منتصف خصري، قلت وأنا اشيح بنظري بعيدا :
-إنه لاشيء، فقط كنت أتسلى.
5(ذات الوشم) كانت أول قبلة حظي بها فمي الصغير المزموم مع بنت الجيران،لم تكن بطبيعة الحال شقراء وإنما سمراء عادية بوشم في ذقنها!. كان قد مضى على عودتي من العاصمة بغداد بضعة أسابيع،أنهيت خلالها امتحانات السنة الجامعية الأولى بنجاح باهر! كنت أقضي أغلب وقتي ممددا في سريري الفخم، في غرفة منزوية بعيدة عن باقي غرف البيت! سمعت أمي وبعض شقيقاتي يتحدثن خلف جدار غرفتي، آه ثمة صوت آخر حلو النبرات يشاركهن تغريدهن، تحاملت على نفسي، مشيت خطوات ومددت رأسي من باب الغرفة، يارب السماء على إبنة الجيران التي كانت جالسة وعباءتها خلف ظهرها فيما انسدل على كتفيها شعر أسود مثل كحل أمي! التقت نظراتنا وتوقف الزمن عند الوشم في ذقنها، لكنها سرعان ماجذبت عباءتها وغطت رأسها ثم دفنت وجهها في حضن أمي وكأنها تقول لها ،لم تخبريني إن القمر عاد من السفر. وضعت شقيقتي التي تصغرني بسنة واحدة فحسب، صينية الفطور على الطاولة، بعد أن ازاحت بأصابعها المطلية حديثا روايات اجاثا كريستي وارسين لوبين، قالت ضاحكة :
-بنت الجيران تريدك أن تعلمها القراءة والكتابة! لقد أرسلتها أمها البارحة بهذا الخصوص، لكنها خجولة،هل اناديها! إنها هنا منذ الصباح الباكر. (للقصة بقية 😮)
بقلم /رعد الإمارة /العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق