الأحد، 5 يونيو 2016

رسائل ناقصة للشاعر العربي الكبير عبد الرزاق محمد الاشقر

((… رسائل ناقصة…))
سأشربُ ماءَ البحارِ
و لو كانَ ملحاً أجاجْ
لتعبرَهُ دونَ خوفٍ بُني
و يسلكُهُ الهاربونَ
إلى جنّةِ الغربِ
لا يرعوونَ مخافةَ فقرٍ بني.
هنا البحرُ ليسَ لموسى
و لسْنا بأتباعِ موسى
لنعبرَ منْ فَرْقِهِ آمنينْ
و ليستْ عصاهُ لنا
وواعدْتَني أيّ بنيّ!
بأنّكَ مازلتَ في معزلٍ
و أنّ السّفينةَ ملأى
و طوفانُنا قدْ تجاوزَ كلّ الزّبى.
تُرى
يا تُرى
هلْ سنطفئُ نارَ الخليلِ
بأفواهِنا ؟
و أنتَ تحاولُ قطعَ الحدودِ وعندَ السّياجْ
تذكّرْ بأنّ أخاكَ هنا
أطاحَ بهِ الدّربَ لمْ ينتبهْ
لزوبعةٍ منْ عجاجْ
و عيناهُ ما زالتا تبصرانكْ
و أذْناهُ ما زالتا تسمعانِ
أنينَكَ عندَ السّياجْ
و تكملُ مشوارَكَ المحتملْ.
ونحنُ نعبّدُ كلّ الدّروبِ
إلى مانريدْ
يواجهُنا الصّخرُ
و كثبانُ رملٍ و وادٍ سحيقْ
هضابٌ جبالْ
و بحر ٌ
تضاريسُ ليستْ عوائقْ
ولكنْ
كيفَ سنفعلُ عندَ قبورٍ لأسلافِنا
تذكّرتُ شيئاً بنيّ !
و أنتَ تفكّ رموزَ الحروفْ
ستقرأُ بينَ السّطورِ
كلاماً تجاوزَ كلّ اللغاتْ
و أنتَ تترجمُ
كيفَ العصافيرُ
تأتي لنافذةِ الغرفةِ الحجريّةْ
لتوقظَ فيها الحنينَ المخبّأَ منكْ
و أنتَ تغازلُ بنتاً بعمرِكَ
كانتْ تراكَ و ترسلُ ذاتَ الرّسائلِ
في كلّ يومٍ
وتغري العصافيرَ بحبّةِ قمحٍ
لتحملَ كلّ الرّسائلْ
و تلقي إليكَ بها.
و بينَ السّطورِ كلامٌ كثيرٌ
سؤالٌ بحجمِ اشتياقي إليكْ
سماؤك مثلُ سمانا؟
و غيمُكَ غيمُ قرانا؟
و أشجارُكَ المورقاتُ كأشجارِنا العارياتْ؟
و بيتُكَ مثلُ بيوتٍ منَ اللبنِ
تحتاجُ في كلّ عامٍ لإصلاحِهِ؟
إلى أيّ كونٍ تطيبُ خطاكْ
إلى أيّ شيءٍ بنيّ
فمثلُكَ راحَ و لمّا يعدْ
و الجذورُ القديمةُ ماتتْ هنا
و ماتتْ هناك
و ماتتْ بموتِ الجذورِ
حدائقُنا المنزليّةْ.
إلى مَنْ نعبّدُ هذي الطّرقْ
فاللصوصُ القدامى
تحدّرَ منْ نسلِهمْ
لصوصُ الحياةِ بأشكالِها.
و عدْتُ بذاكرتي للوراءِ قليﻻً
تعثّر فيّ اللهاثُ كثيرًا
و أورقَ في الذّكرياتِ الحنينْ
و أزهرَ لكنّهُ لمْ يعقدِ.
و في بيتِِنا
ما يزالُ المكانُ
رحيباً
لنشغلَهُ منْ جديدْ
تهدّمَ نصفٌ و ما زالَ نصفٌ
وما زلتُ أرنو إليكَ بعينِ الأبوّةِ و الانتظارْ.
تذكّرتُ شيئاً بنيّ!
لماذا ادّخرتَ الغيومَ معكْ
و عطّلت صوتَ الحنينِ الذي في اليسارْ.!
عبد الرزاق محمد الأشقر .سوريا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق