الاثنين، 5 ديسمبر 2016

رؤوس الصنوبر بقلم احسان خوري



رُؤوسُ الصَّنَوبرِ 
بقلم: الشَّاعر إحسان الخوري

مِنْ قِمَّةِ الجَبَلِ المُقابِلِ المُنفَرِدِ ..
طَفَقَتْ تَنحَدِرُ عَشَرَةُ غَيماتٍ ..
فوقَ الضَّوءِ الخافتِ التَّائهِ ..
لِتَلتَحِمَ هناكَ معَ رُؤوسِ الصَّنَوبَرِ .. 
حيثُ يَعيشُ غُرابٌ بِرأسهِ الأسوَدِ ..
يَتَوارىٰ في الضَّبابِ .. 
َتُلامِسُهُ إحدىٰ الغَيماتِ ..
يَجفُلُ ..
أُشعِلُ ناراً حيثُ أنا أقِفُ ..
هوَ لا يُحِبُّ النَّارَ ..
فيَلوذُ داخلَ صَخرةٍ رَماديَّةِ اللونِ ..
إلىٰ جانبِ مَسرَبِ ماءٍ ..
يتدفَّقُ صائِحاً مع الفَجرِ ....
مِنْ أيِّ صَمتٍ أنتَ أيُّها الغُرابُ ؟
أَأنتَ عاشِقٌ مِثلي ..؟!
أغادَرَتْ حَبيبتُكَ إلىٰ جُزُرِ السَّاحِراتِ ...؟
هلْ تتذكَّرُها مِثلي ..؟
ليسَ في ذاكِرَتي غيرُ حبيبَتي ..
الآنَ أراها ..
أرىٰ روحَها الرَّقيقةَ ..
عَينَيها ..
أرىٰ التُّوتَ وهوَ يَقِفُ عِندَها حَروناً ..
أستَغرِبُ .. !!
هوَ كانَ يَرتَجِفُ ..!!!
ربَّما سَيُفشي سِرَّهُ إلىٰ الجِوارِ ...
إلىٰ تَفاصيلِ نهدَيها ..
تلكَ دَانِياتُ القُطُوفِ .. 
بِطَعمِ النَّشوَةِ ..
وعَبقِ أنُوثةِ سيِّداتِ البَنفسجِ ..
وصهيلِ العِشقِ عندَ بَوَّابةِ اللهفةِ ..
نَهداها يَرمَحانِ عينَيَّ الحائِرَتينِ ..
فَتَختالُ الشَّمخَرَةُ المَملوثَةُ بالغُنْجِ ..
تَتَعَرقَلُ اللواحِظُ بالتَّفاصِيلِ ..
حَواسِّي تَتَصاعَدُ إلىٰ الخَمسَةِ عَشَرةِ ..
فَأفرشُ أنفاسي ..
يَتَدَفَّقُ الشَّغَفَ في الحَواسِّ ..
يتَضاعَفُ حدَّ لَهجَةِ الأعاصيرِ ..
أشهَقُ بقوَّةٍ رائِحَةَ الأُنوثةِ المُفتَرَضَةِ ..
أعَضُّ علىٰ شفَتي السُّفلىٰ ..
فتبدأُ قُبُلاتي بالتَّساقُطِ علىٰ النَّهدَينِ ..
تَتَعَجَّبُ الدَّهشْاتُ فأنا أصنَعُ المُحَالَ ..
ولكنَّني للأسَفِ ..
لنْ أستطيعَ أبَداً مَحيَها من الذَّاكِرةِ ...

من ديواني الرَّابع: نِساءٌ من شَمعٍ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق