الجمعة، 7 فبراير 2020

قِصَّة اِجْتِمَاعِيَّةٌ إلَّا هَذَا الْغُلَامُ بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت

قِصَّة اِجْتِمَاعِيَّةٌ 
إلَّا هَذَا الْغُلَامُ
بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت 

أَشِعَّة مِنْ السَّعَادَةِ والتفائل ، تتسلل زَاهِدَة لِتِلْك المنغصات ، فِى قُلُوب الِابْن الرّاشِد { سُلَيْم } ، إِنَّمَا هِىَ إشَارَةٌ لِيَوْم عَصِيب ، فِى قُلُوب الْجَمِيع . 

تَجْلِس الْأُمّ معكوفة الزَّرْعَان ، تَجُز أَنْيَابُهَا ، عَلَى وَجَسّ طَاف بمشاكل الْمُجْتَمَع ، الَّتِى هِىَ وَحَيَاتِهَا ، جُزْءًا مِنْهُ ، أَعْوَام وَتَنْمُو الْأَبْنَاء الثَّلَاثَة ، عَلَى الْخَوْفِ وَالْقَلَق وَالتَّرْهِيب ، أَضْفَى السُّلُوك العدوانى لِلْأَب ، نِقْمَة حَصَادُهَا كَان الْخَرِيف . 

إلَّا هَذَا الْغُلَامُ ، الَّذِى طَاف بِقَلْبِه الْحَبّ لِأُمِّه ، تَتَرَقْرَق الدُّمُوع بمقلتية ، يدفئ وَجْه فِى كفوفها لِثَام شَفَتَيْه ، وَيَتَنَفَّس الْحَبّ وَعَطَاء الْأُمُومَة ، الَّذِى زرعته الْأُمّ بِقُبُلِه وَعَطَاء ، مُنْذ الدَّهْر ، وَبَكَى بِشِدَّة ، حَتَّى بَكَت الْأُمّ ، وَدُمُوع الْتَمَعَت ، تَحْتَ أَشِعَّةِ الشَّمْسِ المتسلسلة ، كَمَا يَتَسَلَّل فِى قَلْبُهَا التمنى لسعادة . 

وَنَظَرُه صَامَتْه تبادلت بَيْن الِابْن وَأُمِّه ، 
تتساءل بِخَوْف فَقَدْ عَرَّفَهُ ، هَل ستظل السَّعَادَة وَالْحَبّ بَيْنَهُمَا ؟ ! رَغِم طغاة الراعى ، وَمِيرَاث الْحِقْد والسوء ، لِأَوْلَاد ، كَان قَدْرهم ، الْأَب اللَّعِين . 

*** 

نَظَرْت إلَى السَّمَاءِ ، فِى صَبَاح طَاب مَرَارَة ، واستأنثت بِهِ الْوَحْدَةُ ، لتقاسيم وَجْهِهَا المترهل ، كُلِّ طَرِيقٍ بخلايا الْجَسَد وَقِيعَةٌ ، وَذِكْرَى مُؤْلِمَة . 

وَحَلَّقَت الذِّكْرَى الَّتِى قُسِمَت ظَهْرِ الْبَعِيرِ ، لَيْس بَعْدَك الرُّوح تَحْيَا يَا { سُلَيْم } الأيادى الطَّيِّبَة الحنونة ، وَالْعُيُون الحالمة الرَّقِيقَة ، رَحَلْت ، نَعَمْ إنْ الْأَرْضَ لَا تَسَعُ الطَّيِّبِين . 

وَغَرِقَت فِى بُحُور الذِّكْرَى ، وماضى تَعَايُش بِالْأَلَم ، رَغِم الْجَنَّة الَّتِى كَانَتْ ، وتصبر بِهَا { سُلَيْم } وَالْقَلْب فِى الْفِرَاق انْتَفَض ، وَالنُّور اِنْطِفاء وَهَرَب الْحُنَيْن ، لَا حَيَاةَ مَنْ بَعْدِك يابنى ، وَلَا تَسَاوَى الْحَيَاة لَمْحَة فِى عُيُون الْمُحِبِّين ، { سُلَيْم } يافلذة الْأَكْبَاد ، نَار وَأَنِين . 

وَتَجَلَّى العُنْف يَهُزّ الْإِرْجَاء ، ويهشم الْأَبْوَاب ، فَحَوْلُهُ مِنْ الْأَبْنَاءِ ، قَاسِيَة ، تَسَاوَى كفوفهم السميكة ، قَسْوَة الْأَيَّام الْبَاقِيَة ، لَا تَرْحَمُ ذِكْرَى تَأَتَّى تِبَاعا ، وَتَارَة يخامرها النِّسْيَان بِالرَّحْمَة ، وَتَارَة تَنْتَفِض مِثْل الْقِطّ الْعَجُوز ، تَسْكُن فِى عَالِمٌ رَحَل ، كَان قانطية ، مِنْهُم بِذَنْبِه ، وَمِنْهُم بِحَسَنَاتِه . 

هُجُوم وحشى مستذئب ، مِنْ أَبْنَاءِ لَا رَحْمَةً فِى قُلُوبِهِمْ ، وَقَطَع مِنْ بَاقِيهِ بَوَّابَة الْمَسْكَن مُتَنَاثِرَة ، يَنْظُرُون وَكَأَنَّه الثَّأْر ، لِأُمّ وَحَيْدَة ، يتعايش بلبها الْأَلَم { سُلَيْم } نُورِ الْقَلْبِ . 

ونظرات مُسْتَوْحِشَةٌ ، اِرْتَوَت مِنْ مَاءٍ الْكَرَاهِيَة ، بِعَيْن أَوْلَاد الْأَقْدَار العابثة ، تتعارك بِعِظَام نَاخِرَه ، تبقت مِنْ مِحْنَةِ وصراع ، وَقَلِيلٌ مِنْ الْأَمَلِ ، فِى صُورَةِ ذِكْرَيَات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق