السبت، 5 ديسمبر 2020

لغتنا الجميله...بقلم الشاعر...خالد خبازة


 لغتنا الجميلة

في الشعر و أوزانه

البحث السادس عشر

في اختلاف القدماء حول أشعر الشعراء .. القسم الثاني

كنا تحدثنا في حلقة سابقة عن ما جاء في كتاب " العقد الفريد " جول الشعر و الشعراء

نورد في هذه الحلقة ما جاء في

كتاب " العمدة في محاسن الشعر و آدابه " لابن رشيق القيرواني

كان  علي (رضي الله عنه) يقضل امرأ القيس ، على الشعراء بقوله :

رأيته أحسنهم نادرة ، و أسبقهم بادرة , و أنه لم يقل لرهبة أو رغبة .

و قد قال العلماء في الشعراء  :

ان امرأ القيس لم يتقدم الشعراء لأنه قال ما لم يقولوا ، و انما سبق الى أشياء فاستحسنها الشعراء ، و اتبعوه فيها . لأنه قيل : أول من لطّف المعاني ، و استوقف على الطلول ، ووصف النساء بالمها و الظباء و البيض ، و شبه الخيل بالعقبان و العصي ، و فرق بين النسيب و ما سواه من القصيد ، و قرّب مأخذ الكلام ، فقيد الأوابد ، و أجاد الاستعارة و التشبيه .

روى الجمحي أن سائلا سأل الفرزدق : من أشعر الناس ؟ . فقال : ذو القروح .

قال : حيث يقول ماذا ؟ .

قال : حيث يقول :

وقاهم جدهم ببني أبيهم ... و بالأشقين ما كان العقاب

و أما " دعبل " فقد قدمه بقوله في وصف عقاب :

ويْلُمِّها من فضاء الجو طالبةً ... و لا كهذا الذي في الأرض مطلوب

و هذا عنده أشعر بيت قالته العرب .

و كان الحذّاق يقولون :

الفحول في الجاهلية ثلاثة ، و في الاسلام ثلاثة متشابهون :

زهير و الفرزدق ، و النابغة و الأخطل ، و الأعشى و جرير .

و كان " خلف الأحمر " يقول

الأعشى أجمعهم .

و قال أبو عمرو بن العلاء :

مثله مثل البازي ، يضرب كبير الطير و صغيره .

و كان أبو الخطاب " الأخفش " يقدمه جدا و لا يقدم عليه أحدا .

و حكى الأصمعي عن بن أبي طرفة :

كفاك من الشعراء أربعة :

زهير اذا رغب ، و النابغة اذا رهب ، و الأعشى اذا طرب ، و عنترة اذا طلب .

و زاد قوم : و جرير اذا غضب .

و قيل لكثير : من أشعر العرب ؟ . قال :

امرؤ القيس اذا ركب ، و النابغة اذا رهب ، و الأعشى اذا شرب .

و كان أبو بكر (رضي الله عنه ) يقدم النابغة . و يقول :

هو أحسنهم شعرا ، و أعذبهم بحرا ، و أبعدهم قعرا .

و سئل الفرزدق : من أشعر العرب ؟.

قال : بشر بن أبي خازم .

قيل : بماذا ؟ . قال : بقوله :

ثوى في ملحد لا بد منه ... كفى بالموت نأيا و اغترابا

ثم سئل جرير ، فقال :

بشر بن أبي خازم . لقوله :

رهين بلى و كل فتى سيبلى ... فشقي الجيب ، و انتحبي انتحابا

قال أبو عبيدة :

أصحاب السبع التي تسمى " السمط " :

امرؤ القيس ، و زهير و النابغة ، و الأعشى ، و لبيد ، و عمرو بن كلثوم ، و طرفة .

و قال المفضل :

من زعم أن في السبع التي تسمى " السمط " غير هؤلاء ، فقد أبطل .. فأسقط من أصحاب المعلقات عنترة و الحارث بن حلزة ، و أثبت الأعشى و النابغة .

و كانت المعلقات تسمى " المذهبات " لأنها اختيرت من سائر الشعر ، فكتبت في القباطي بماء الذهب ، و علقت على الكعبة ، فلذلك يقال :

مذهبة فلان .. اذا كانت أجود شعره . ذكر ذلك غير واحد من العلماء .

و قيل :

بل كان الملك ، اذا استجيدت قصيدة الشاعر يقول :

علقوا لنا هذه ، لتكون في خزانته .

و سئل الحطيئة عن أشعر الناس ، فقال : أبو دؤاد . حيث يقول :

لا أعد الاقتار عدما و لكن ... فقد من قد رزئته الاعدام

و هو و ان كان فحلا قديما ، و كان امرؤ القيس يتوكأ عليه ، و يروي شعره ، فلم يقل فيه أحد من النقاد مقالة الحطيئة .

و زعم ابن أبي الخطاب ، أن أبا عمرو ، كان يقول :

أشعر الناس أربعة :

امرؤ القيس ، و النابغة ، و طرفة ، و المهلهل .

سئل الفرزق فقال :

امرؤ القيس أشعر الناس ،

و سئل جرير فقال :

النابغة أشعر الناس .

و قال الأخطل :

الأعشى أشعر الناس .

و قيل لنصيب مرة : من أأشعر العرب ؟ . فقال :

أبو تميم ، يعني علقمة بن عبدة . و قيل : أوس بن حجر .

و ليس لأحد من الشعراء بعد امرئ القيس ، ما لزهير و النابغة و الأعشى في النفوس .

و الذي أتت به الرواية عن يونس بن حبيب النحوي :

أن علماء البصرة كانوا يقدمون امرأ القيس ، و أهل الكوفة ، كانوا يقدمون الأعشى ، و أن أهل الحجاز و البادية ، كانوا يقدمون زهيرا و النابغة ، و كان أهل العالية لا يعدلون بالنابغة أحدا ، كما أن أهل الحجاز لا يعدلون بزهير أحدا .

أما النابغة ، فقال من يحتج له :

كان أحسنهم ديباجة شعر ، و أكثرهم رونق كلام ، و أذهبهم في فنون الشعر ، و أكثرهم طويلة جيدة ، و مدحا و هجاء ، و فخرا و صفة .

و قالت طائفة من المتعقبين :

الشعراء ثلاثة .. فجاهلي ، و اسلامي ، و مولد ..

فالجاهلي امرؤ اقيس ، و الاسلامي ذو الرمة ، و المولد ابن المعتز . و هذا قول من يفضل البديع ، و بخاصة التشبيه على جميع فنون الشعر .

و طائفة أخرى تقول :

بل الثلاثة .. الأعشى و الأخطل و أبو نواس . و هذا مذهب أصحاب الخمر ، و ما ناسبها . و من يقول بالتصرف و قلة التكلف .

و قال قوم :

بل الثلاثة المهلهل و ابن أبي ربيعة و العباس بن الأحنف . و هذا قول من يؤثر الأنفة ، و سهولة الكلام ، و القدرة على الصنعة و التجويد في فن واحد . و لو كان كذلك لكان شيخ الطبع أبو العتاهية ، مكان عباس ، و لكن أبو العتاهية تصرف .

و ليس في المولدين أشهر اسما من أبي النواس ، ثم حبيب و البحتري . و يقال :

انهما أخملا خمسماية شاعر كلهم مجيد ، ثم يتبعهما في الاشتهار ، ابن الرومي و ابن المعتز ، فطار اسم ابن المعتز ، حتى صار كالحسن ( أبي نواس ) في المولدين ، و امرئ القيس في القدماء ، فان هؤلاء الثلاثة ، لا يكاد يجهلهم أحد من الناس . ثم جاء المنتنبي ، فملأ الدنيا و شغل الناس .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خالد ع . خبازة

اللاذقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق