من وحي الهجرة
يا طلعةَ البدرِ التي من يومِها
ضاءَت لنا من نورِها الأعماقُ
كلُّ الجهاتِ بنورِ وجهِكَ نُوِّرَت
وكذا القلوبُ أضاءَها الإشراقُ
هاجرتَ حتى تطمئنَّ قلوبُنا
وخرجتَ حتى تدخلَ الأخلاقُ
وتركتَ أرضًا قد عرجتَ بقُدسِها
ومشيتَ حتى تُعتَلى الأطباقُ
خلّفتَ خلفَكَ في الفراشِ متيّمًا
من حُبِّهِ تتعلّمُ العشّاقُ
أخفيتَ في الغارِ الجلالَ فلو دنت
منكَ العيونُ لغارتِ الأحداقُ
ومسحتَ للصِّدّيقِ ضيقَ فؤادِهِ
من بعدِ أن قد ضاقتِ الأطواقُ
لو شئتَ سِرتَ إلى المدينةِ راكبًا
ولسارَ فوقَ الكائدينَ بُراقُ
لكن سلكتَ سبيلَ أصحابٍ فلا
ترضى بشيءٍ لم يَنلهُ رفاقُ
ومررتَ بالشّاةِ الحِيالِ ولم يكن
فيها الحليبُ ففارتِ الأرزاقُ
يا أمَّ مَعبَدٍ التي وصفت لنا
ذاكَ الجمالَ فطارتِ الأشواقُ
شكرًا على الوصفِ الذي أودعتِهِ
أوراقَنا يا سَعدَها الأوراقُ
وبنيتَ قبل المُلكِ فينا مسجدًا
أسّستَ ما يرضى بهِ الخلاقُ
وطلعتَ بدرًا في سماءِ مدينةٍ
فتنوّرَت من بعدِها الآفاقُ
مصطفى كردي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق