ما وراءَ التّفّاحة
أدمَتْ قلوبَ أولِي عقلٍ وإيمانِ
وزلزلَتْ جذرَ أركانٍ وبُنيانِ
نوازعٌ من سُلالاتٍ مُشوّهةٍ
تبثُّ قُبحَ الهوَى في كلِّ وجدانِ
وأذرعٌ مِن خبيثِ الفكرِ؛ أفرُعُها
تمتدُّ بالشرِّ في بِيدٍ وعمرانِ
كالأخطبوطِ نمَا وحشاً؛ وأرجُلُه
لها بكلِّ مكانٍ رأسُ ثعبانِ
تغلغَلُوا في بيوتِ الطُّهرِ؛ غايتُهم
نزعُ الشَّذا البِكرِ من أكمامِ ريحانِ
يستأصلونَ بذورَ الخيرِ من شجرٍ
تسرِي أصالتُه في خيرِ أغصانِ
ويخلعونَ محاراً عن لآلئِه
حتى تصيرَ مشاعاً بين حِيتانِ
ويعزلونَ غزالاً عن أرومتِه
كيما يعودَ وحيداً وسْطَ ذؤبانِ
فاسألْ شَغافَكَ: مَن للقلبِ يحفظُه
إن يخلعوهُ؟ وسَلْهم: مَن هو الجانِي؟
واسألْ دماغَك: مَن يَحميهِ من تَلَفٍ؟
(أمٌّ حنونٌ)؛ وخلفَ الأمِّ ثِنْتانِ
حتى ثمارُكَ -فاسألْ عن عباءَتِها-
مِن شهدِ تينٍ وتفّاحٍ ورمّانِ
وسَلْ كتابَكَ؛ بين الدَّفَّتينِ ثوَى
كنزاً مصوناً رفيعَ القدرِ والشّانِ
والسرَّ تحجُبُه في الصدرٍ مِن حذَرٍ
تصونُه بِغِطَا صمتٍ وكتمانِ
فكيفَ أغرَوا رِيامَ الطُّهرِ -إذ جمحَتْ-
بالهُوِّ، كيف سرَتْ مِن غيرِ عنوانِ؟!
وكيفَ أغرَوا بناتِ الخِدْرِ -حين زَهَتْ-
بمركبِ السُّوءِ تسعَى خلفَ شيطانُ؟!
أما درَتْ أنّها شمسٌ مُكرَّمةٌ
مَن يدنُ منها يكابدْ لفحَ نيرانِ
وأنّها درّةٌ عُليَا مقدّسةٌ
شمّاءُ؛ فاقَت كنوزَ الإنسِ والجانِ
فتلك سيّدةُ بْريطانِيا شَمخَتْ
تحتَ الحجابِ ولم تفخَرْ بتيجانِ
وكم ملوكٍ أرادُوا عزَّ سيّدةٍ
أولَى سمُوّاً؛ فأقصَوا كلَّ إنسانِ
فكيفَ يا بْنةَ هذا الدِّينِ لم تَقَرِي
وضلَّلوكِ بتزويرٍ وبُهتانِ
كي ينزعُوا عنكِ ثوبَ الحشمةِ ابتدعُوا
خُطَا التَّهاوِي بإحكامٍ وإتقانِ
فلا تسيرِي؛ فهذا الدربُ مهلكةٌ
ولا تبيعِي نعيمَ الخلدِ بِالفانِي
وإنّكِ الأملُ المرجوُّ؛ فارتفِعِي
عنقاءَ تأنَفُ عن تقليدِ غربانِ
وإنَّكِ الأمُّ؛ كفُّ الأمِّ إن صَلحَتْ
أحيَتْ وأعلَتْ سَمَا دارٍ وأوطانِ
_____________
عروبة الباشا
الأم الحنون هي الطبقة الأولى من الأغشية المحيطة بالدماغ لحمايته
وخلفها طبقتان: الأم العنكبوتية والأم الجافية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق