* بين واقعين*
عمرٌ بدنيا الراكضينَ قصيرُ
وبخزنةِ الساعي لها قطميرُ
ما ينبغي إلا الرحيلُ وفرقةٌ
ما ينبغي إلا بها التغييرُ
الأرضُ تمشي والسماءُ لحتفِها
وأنا وكلُّ العالمينَ نسيرُ
خذ ما تشاءُ وخذ بذلكَ عِبرةً
فيها يطيرُ الخيطُ والعصفورُ
سنفورُ من حرِّ الرحيلِ وبُعدِهُ
ويُسربِلُ القلبَ المحبَّ نفورُ
أينَ السواكنُ قد مضوا وتسابقوا
بعد القصورِ روامسٌ وقبورُ
وكأنَّهم لم يسكنوها برهةً
ما كانَ في حلوِ القصورِ حضورُ
قد عُطِّلت آبارُهم وتهدَّمت
تلكَ المباني عندهم والدورُ
قد عُطِّلت كلُّ القصائدِ وانزوى
لحنٌ تراقصَ قبلهُ الطنبورُ
وبنارِ أهلِ الفسقِ تحرِقُ من دنا
ولهم بها من ذي الحياةِ قشورُ
وعلى الشواطئِ ما تزالُ حياتُنا
مرهونةً وبها تُمدُّ جذورُ
فاختر لسقيكَ موردًا ترقى به
نَظِرًا مصفًّى في الحياةِ غزيرُ
كن كالاسودِ ولا تكن مُتثعلبًا
فالأُسد تغلبُ لو يحينُ زئيرُ
ومن الحياةِ مواعظٌ شتّى فذا
قومٌ بها سُفَلٌ فبئسَ حميرُ
المالُ والخضراءُ والوجهُ الذي
قد تبتغونَ فإنَّه تصويرُ
بل إنَّهُ محظُ الخيالِ وإنَّهُ
ليظلَّ في كلِّ الدهورِ يدورُ
فتربَّصوا علَّ الإلهَ يمدُكُم
بالخيرِ أو يُفشى عليكم نورُ
ما بالُ أحبابٍ لنا قد غادروا
والقلبُ من شوقٍ لهم مفطورُ
اشتقتُمُ أمرَ الرحيلِ أهكذا
تتسارعونَ ففي الذهابِ بكورُ
يتلملمُ الحزنُ المريرُ تحشّدًا
فلها على نفسِ الفتى تأثيرُ
تنشقُّ من بطنِ الرحيلِ مدامعٌ
وعلى المحيَّا يبتدي التعكيرُ
إن في الحياةِ مُهنّئٌ ومُسدَّدُ
إن في الحياةِ إذا نظرتَ يسيرُ
في كلِّ يومٍ تبتديكَ بوعكةٍ
ولها بكلٍّ سويعةٍ تبكيرُ
باقٍ بذاتكَ شرُّها وشرورُها
همٌّ توسَّدَ في الضلوعِ خطيرُ
عَصُرت فؤادَكَ خلوةٌ أينَ الألى
فيهم يُمسّدُ أدهرٌ وعصورُ
غصنٌ يجفُّ فلا السقاءُ يُفيدُهُ
حتى وإن في مائِهِ كافورُ
فكأنّهم لو غادروا وتباعدوا
حزَّ الفؤادَ من الحشا ساطورُ
وتقومُ ساعةُ حشرهِ فتهزّهُ
ويدقُّ إسفينَ اللظى ناقورُ
أينَ الذي أمسى بدارِكَ نبعةً
هو في الجوى يجري له خابورُ
تلكَ الهمومُ تجسَّدت وتعضَّدت
ألمُ الفراقِ لأجلِهم مسطورُ
بقلم سيد حميد عطاالله طاهر الجزائري العراق/ الأحد/ ٢٠/ ٢/ ٢٠٢٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق