" إ رثُ الُّلصوص "----------------------
يالِصُّ ماذا في الغِنى يُغريكا
وَحَرامُ ماَلِكَ مِن حَلالِ أخيكا
تَسطو عَلى مالِ الفقيرِ ولم تَزَل
تَرجو المَزيدَ لَعَلَّهُ يُثريكا
قَد كانَ يوماً بِالثَراءِ مُنَعَّماً
افقَرتَهُ ، وبِفَقرِهِ يُغنيكا
تَبني القُصورَ وفي العَراءِ مُشَرَّدٌ
ما كانَ يوماً هَمُّهُ يَعنيكا
قَد كُنتَ تَسرِقُ والإهابُ مَهلهَلٌ
واليَومَ تُنكِرُ والثَّراءُ يَشيكا
في كُلِّ دائرَةٍ أقَمتَ إمارَةً
فيها تُذِلُّ مُراجِعاً يأتيكا
أرهَقتَهُ بِوَثائِقٍ لا تَنتَهي
وإن افتَداها مالُهُ يْرضيكا
وتَهُشُّ بَعدَ تَجَهُّمٍ أبدَيتَهُ
لَمَّا اصطَلَت مِن رَشوَةٍ أيديكا
والطِّبُ أسوأ ما يَكونُ لُصوصُهُ
لِلمالِ يَسعَى لا لِما يَشفيكا
ما هَمَّهُم إلَّا الثَراءَ وإن أتى
بِجِراحَةٍ مَزعومَةٍ تُفنيكا
أو وَصفةٍ لِلدَّاءِ حالَت دونَها
أطماعُهُم " إن زِدتَِّني أعطيكا "
يا وَيحَنا ، نَسلُ اللُّصوصِ تَوارَثَت
آباءَها ، وفِعالُهُم تُنبيكا
وَبِكُلِّ جُحرٍ قَد تَرَبَّص سَارِقٌ
كالذُّئبِ إن أغفَلتَهُ يْؤذيكا
ما عادَ لِلأخلاقِ مِنِّا عُصبَةٌ
إلاَّ الصَدُوقَ وقِلِّةٌ تَهديكا
فَتَرى الكَذوبَ مُصَدِّقاً في قَومِهِ
والِّلصُ في مالِ العِبادِ شَريكا
وشَريعَةُ التُّجَّارِ صارَت سُلطَةً
يَقضي بِها مُتَوَحِّشٌ يُشقيكا
وإذا حَلْمتَ عِلى المُسيئِ تَفَضُّلاً
قالوا : الجَبانُ وسَفَّهوا ما فيكا
والغِشُّ صَارَ مَهارَةً مَحمودَةً
تُخفي المَعيبَ وما بَدَا يُغريكا
ما عادَتِ الأوطانُ تَعرِفُ أهلَها
وبِها الغَريبُ مُسَيَّداً ومَليكا
وبَنوكَ يا وَطَني وثَروةُ أرضِهِم
كَم تُستَباحُ لِمَن أتى يَحميكا
وَبِكُلِّ هَذا والرَّقيبُ مُغَيَّبٌ
ما كانَ يَوماً فِعلُهُ يُرضِيكا
قَد آثَرَ الإثراءَ مِن أكلِ الرِّشىَ
ولِمِثلِهِ مِن فاسِدٍ يِرميكا
فَقُلِ اعمَلوا واللهُ يَرقُبُ بَغيَكُم
وبِحِلمِهِ عَمَّن بَغَى يُطغيكا
فَاكنِز مِنَ الأموالِ ما تَطغى بِها
وغَداً بِما أكنَزتَهُ يَكويكا
يا أيُّها المَدفونُ حَيَّاً يا تُرَى
هَل تَنبُتُ الآمالُ في بُردَيكا
وتُحَلِّقُ الأحلامُ فَوقَ سَحابَةٍ
تُندي بِمُزنٍ سائغٍ كَفَّيكا
بِأبي فَدَيتُ مَكارِماً كُنَّا بِها
خيرَ البَرِيَّةِ عِفَّةً وأبيكا
-------------------
خالد مصطفى بيطار
16 / 2 /2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق