... (بغداد)...
بغداد أين زمان صافح الشهبا
فيه الرداء تجلت شمسه ذهبا
كنت الجليلة فوق الكل باسطة
ثوب البهاء ربيعا جل من وهبا
ودرة التاج كنت ال غير آبهة
بمن يمر ومن قد حل أو ذهبا
إذا منحت سلاما كان مؤتمنا
وإن بليت غدت أجواؤك اللهبا
يا عصرنا الذهبي اليوم مرهقة
كل الأساطير ..أعيت ظلها هربا
فلم يعد لرشيد القوم منزلة
عند اللقاء وأمسى سيفه خشبا
والخانعون على جنبيه في صخب
ما زج من شغب إلا اكتوى شغبا
أي القرار لمن لا أمر في يده
وغاية الأمر في الدنيا لمن غلبا
كأنما اليوم لا صوت وليس صدى
صوب الأماني التي قد أودعت علبا
وأنه اليوم غير الأمس قاطنة
تلك الديار فلول لم تكن عربا
بغداد بغداد إن الجرح ملتهب
إني أعيذك من جرحي إذا التهبا
فمن يطيق لما قد حل من كرب
والصدق فيها غدا من يرتوي كذبا
كأنما الشمس تأبى للشروق أسى
على مكانتك الكبرى تفيض ربا
فلتعذريني على العتبى إذا بلغت
حد الجنون لعلي أبلغ الأربا
إني أودك مثل الأمس مشرقة
بكل فن وقد أشبعته حسبا
تزدان منك مرايا الحسن عاكسة
كيف البهاء سما من فرعه نسبا
كل احترام وتبجيل لمعتصم
لبى النداء ولا بشرى لمن رسبا
قدر المخاطر كوني عند وعكتها
ولا تبال إذا ما غيظها انسكبا
عودي لأجل مسار الأرض يصحبه
منك الأمان فكم يحتار مضطربا
مرت قرون وما زال النداء صدى
بلا مجيب حوى للمبتغى سببا
فلتستعيدي زمان الزهو مسعفة
منك النواحي التي ضجت به طلبا
حتى تعود بك الأيام باسمة
وفيك زرياب يستقصي المدى طربا
ما عاد للشعر طعم يستساغ ولا
للحن شدو به نستعذب الأدبا
محمد طه عرجون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق