الاثنين، 16 يناير 2023

مَن نَحنُ ياقُدس ؟الشاعر..عبدالحميد العامري


مَن نَحنُ ياقُدس ؟


في غَيْهَبٍ من شِفَاهِ التَّيْهِ يَقْتَرِبُ

يَهوِيْ إلي المَوْتِ مَغْلُوْلًا ويَنْتَحِبُ


يَبْكِي وَقَارًا تَلاشَى دُونْمَا أَسَفٍ

ونَخوَةً قد  جَفَاهَا  صَاحِبٌ وأََبُ


ومِنعَةً  وَهَنَتْ  يَوْمًا  صَلَابَتُهَا

وذِمَّةً ذَهَبَتْ في إثْرِ مَن ذَهَبُوا


أغلالُهُ لم تُحَرِّكْ نَارَ غِيرَتِنَا

كأنَّنَا والرَّزَايَا حَوْلَهُ خَشَبُ


أَلْقَتْ بنا مَوْجَةُ الأيَّامِ سَاخِرةً

ولم يُفِدْنَا بها  قُرْبٌ ولا قُرَبُ


وكم وَعِيْنَا من التَّاريخِ مَرْتَبَةً

فلا الأماني أعادَتْها ولا الرُّتَبُ


أيُوْقِظُ القُدسُ شَيْئًا من عَزِيْمَتِنا ؟

أم انْطَفَتْ واختَفَى من صَدْرِها اللَّهَبُ؟


أَيُدْرِكُ الحَقُّ  إنْصَافًا بلا سَنَدٍ ؟

وهل يُلَبَّى بِشَكْوَى عَاجِزٍ طَلَبُ ؟


كم أوْهَمُونا بأنَّ القُدسَ خَيْمَتُهم

وخَيَّموا كي يُوَارُوا سُوءَ ما جَلَبُوا


بَاعُوْهُ ثُمَّ استَفَاضُوا بالدُّموعِ على

آثَارِهِ  ، وغِزَارَ   الآهِ   قد   سَكَبُوا


في كلِّ مَأَدَبـةٍ تَشْدو حَوَاصِلُهم

بمَن أبَادُوا ومَا شَادُوا ومَن غَلَبُوا 


وجُوْهُهم تَكْتَسي بالبُؤسِ شَاحِبَةً

فلا  يُرَجَّى لها  سَيْبٌ  ولا  سَبَبُ 


لا رَيْبَ كُنَّا وكان الأَمْسُ عُزْوَتَنا

وما استَمَرَّ لنا في أَمْسِنا  نَسَبُ


نحنُ الكَرَامَةُ والأمْجَادُ إنْ ذُكِرَتْ

ونحنُ مَلأى بِنَا أوْرَاقُهَا الكُتُبُ


ونحنُ بَعثُ المَنَايَا والحُتُوْفِ إذَا

ما أوقَـدَ  النَّـارَ  بَـوَّاقٌ  ومُسْتَلِبُ


بَدءُ الحَضَارَةِ والتَّارِيخِ كان بنا

ولن  يُتَوِّهَنَا   زَيْفٌ   ولا  كَذِبُ


نحن الجِبَالُ وما دون الجِبَالِ لنا

مَعَالِمٌ   ولنا  الأعمَاقُ   والسُّحُبُ

 

نحن الرِّيَاحُ ورُكبَانُ الرِّيَاحِ ضُحَىً

ونحن عَصْفٌ إذا ما أَلْيَلَ  الغَضَبُ


نحن النُّجومُ  سَمَوْنا  كُلَّ مَنزِلةٍ

ونحن شُهْبٌ إذا ما عُدَّت الشُّهُبُ


ونحن  قَومٌ   مَزَايَانَا   مُؤَصَّلَةٌ

فما تَوَانَى بنا كَسْبٌ ولا حَسَبُ


مِن خَلفِنَا حِكْمَةُ الأسلَافِ شَاهِدَةٌ

وبالمَآثرِ  كم  رَاجَتْ  بنا  الحِقَبُ !


أمَّا  وقد  سُلِبَتْ  مِنَّا   كَرَامَتُنا

فهل يَعُودُ لنا من بَعدِها سَلَبُ؟!


نَبْضُ العُرُوبةِ بَادٍ حينَ تَرْقُبُهُ

لكنَّهُ  كَدَويٍّ  الطَّبلِ  يَضطَرِبُ


بُهلُولُنا   يَتَحَدَّى   القَومَ    مُمْتَشِقًا

سَيفَ القِصَاصِ ولكنْ سَيْفُهُ قَصَبُ


وفي المَنَامِ  هِزَبْرٌ  صَاخِبٌ ويَدٌ

طَوَّاحَةٌ غيرَ أنَّ الحُلمَ مُقْتَضَبُ

***

ياليلُ نُمْنَا ، فهل في النَّومِ مَحْمَدَةٌ

لِمَن حَوَالَيهِ ذِئْبُ البِيْـــدِ يَحْتَطِبُ؟!


أَأَصْدَأََ الخَوفُ  أسيَافًا  لنا غُمِدَتْ؟

أم نَابَ عنها طُيُورُ البُومِ تختَطِبُ؟


سَدَّتْ  علينا   المَآسِي  كُلَّ   بَارِقَةٍ

ونحنُ نَشكو ونَستَجدِي ونَحتَسِبُ؟

***

فَاقَ احتِمَالي حَنِينٌ بِتُّ أَحمِلُهُ

وما بَدَا لي  إلى  نِسْيَانِهِ  رَغَبُ 


فالقُدسُ بَيْتِي ومَن يَنْعَى الدِّيَارَ أخي

والجُرحُ جُرحِي وما شَطَّتْ بيَ الحُجُبُ


ومَنْ تُنَادِي  (أَوَا وِيْلاهُ)  حَاسِرَةً

عِرْضِي ومن أجْلِها الأروَاحُ تُنْتَهَبُ


أسى العُرُوبةِ يَطْوِيْني ويَنْشُرُني

ويَمتَطِي مُنْتَهَى أحلامِيَ التَّعَبُ


إذ كُلَّما  قَدَّمَ  النِّسْيَانُ  أُعْطِيَةً

لاحَتْ بِعَثْرَتِهَا الأوْطَانُ تَنْتَحِبُ

***

تَرْنُو إليْنا شَكَايَاهَا مُؤَكِّدَةً

أنَّ العُرُوْبَةَ كَانَتْ واخْتَفَى العَرَبُ


تَأسَى عَلينا وقد صَارَتْ مُشَوَّهَةً

ونحنُ بالمِثْلِ نَرْثِيْهَا ونَعْتَتِبُ


تَقَطَّعَتْ وامَّحَتْ أَشْكَالُها وغَدَتْ

غَرِيْبَةً مَالَها رَأسٌ ولا ذَنَبُ


نَجْتَرُّ أسْئِلَةً أَخْرَى ونُرْسِلُهَا

على السَّجِيَّةِ لكنْ جُلُّهَا شَغَبُ


إجْدَابُنَا بَاتَ يَنْفِي كُلَّ غَادِيَةٍ

فهلْ تَهِلُّ عَلي إجْدَابِنَا سُحُبُ ؟!


عبدالحميد العامري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق