((الـــــهـــــجــــرة الــــنـــبـــويـــة))
ضاقت بكَ الأرض أم ضاقت بكَ الحَرَمُ
أم أنَّ يـثــرب فـيـها تُـشْـــحَـــذُ الهِمَمُ؟
يـــا صــفـوة الــلّـهِ والأيـــامُ شـاهـدةٌ
أنـــتَ الـمُـقِيمُ هـنـا والـشـاردونَ هُــمُ
كـالوا لـكَ الـويل.... نـالوا مـنكَ لـذتهم
ومَــنْ يَـلُـذْ بـحـمى الـرحـمن يـعـتصم
شــنـوا عـلـيـكَ حُـروبًـا لا مـثـيل لـهـا
وأخـرجــوكَ.... ومــا رقّــت لـهم رَحِـم
خـرجـتَ يــا سـيـدَ الأكــوانِ مـخـتبئًا
والــلّــهُ يــرعــاكَ والأقــــدارُ والـقـلـم
وأجـمـعوا أمـرَهُـمْ أن يـقـتـلـوكَ وهـم
أذلُ يــــا ســيَّـدي مِـــنْ أن يُـــراق دم
لــو لــم يُـسـيموكَ ســوءً عِـفْتَهُمْ مـللًا
وحــاربـوكَ وكـــم زلّـــتْ لـهـم قَــدَم!
ولــسـتَ ذا زَلّـــةٍ لــكـن رَمُـــوكَ بــهـا
ذَمُّــوا الـمـكارمَ عـابـوا فـيـكَ واتـهموا
كـــادوا وكــيـد الــعـدا بـالـلّهِ مـنـدحرٌ
ويــمـكـرونَ ومــكــرُ الــشــرِ مُـنْـهَـزِم
صـلـيتَ مـحـتسبًا تـرجـو الـنجاةَ لـهم
وهـم عـلى شِـرْكِهم حـادوا ومـا علموا
أعــــلاكَ ربُــــكَ إذ أعــطــاكَ مــنـزلـةً
بــيـنَ الـنـبـينَ لا تــرقـى لــهـا الأُمَـــم
قــريـشُ لـــو عـلـموا أنَّ الـنـجاةَ لـهـم
فـي شـرعِ أحـمدَ ما عادُوهُ واختصموا
لــكـن أبـــى الــلّـهُ إلا أن يـكـونَ لـهـم
طِــرْسٌ أبــيٌ عـلـى الإســلامِ يَـجْـتَرِم
لِـــذَاكَ مـــا بـخـلوا فــي شـتـمهِ أبــدًا
سـبُـوهُ.... آذوهُ.... نـالوا مـنـهُ وانـتقموا
واسـتبدلَ الـلّهُ قـومًا غيرهم.... علموا
أنَّ الـخلاصَ بـدينِ الـلّهِ.... واحـتكموا
كـانـوا هُــمُ الـسـابقينَ الأولـيـنَ وهُــمْ
أهـلُ الـتُقى والـنَقى.... يَـسبِقهُمُ الكَرَم
بــاعــوا نـفـوسَـهُـمُ لــلّــهِ وانـطـلـقـوا
خـلـفَ الـرسـولِ عـلى إظـهارهِ عـزموا
هُــــمُ الأُبَــــاةُ فـــلا تـسـألـهُمُ أحـــدًا
إلا أجـابـكَ.... (لــي فــي حـبـهم عَـشَم
بـيـثـرب الـمـصطفى طـابـتْ سـريـرته
وطـابَ مِـنْ طِـيبِ طـه الـسهلُ والأكم
أتــيــتَ يــثــربَ والأحــقــادُ عــامـرةٌ
والــثـأرُ تـــرزحُ فــي أحـشـائهِ الـنِـقَم
فـاستقبلوكَ عـلى الأحـضانِ وانـطلقتْ
رســالـةُ الــلّـهِ لا يـخـفـى لــهـا عَــلَـم
يــا مِـنـةَ الـلّـهِ هــذا يـومُـكَ انـبـثقتْ
أنـــوارُ ديــنِـكَ واقـتـادت لــك الأمــم
أقــمـتَ دولـــةَ صــدقٍ فــي عـدالـتِهَا
بـــكَ الـبـيـانُ عـــلا والــديـنُ والـقِـيَم
وتــوجـوكَ عــلـى الـدنـيـا وأنــتَ لـهـا
أهــلٌ، وفـيـكَ اسـتقامَ الـحِلُ والـحَرم
عـانـقتَ يـثربَ فـاشتاقتْ ومـا بـخلتْ
وآثـــرتْــكَ عــلــى أفــلاذِهَــا.... الإدَم
آخــيـتَ فـيـها مــع الأنـصـار غـيـرَهُمُ
رَضـوكَ قِسمًا.... تـآخوا فيـكَ واقتسموا
وقــدمــوكَ عــلـى الـدنـيـا وبُـهْـرُجِـهَا
الـنـفـسُ والـمـالُ والأهـلـونَ والـخـدم
يــا سـيَّـدِي إن لــي حـرفًـا نـظمتُ بـه
ومـــا بـخـلـتُ ولــكـن مـسـني الـعَـدَم
لـي فـي حـلاكَ غـرامٌ شـاقني ومـضى
يـجوبُ فـي داخـلي.... يـحـلو به الكَلِم
أنـــا الـفـقـيرُ وحــرفـي لا يـطـاوعـني
لـكـنَّ لــي شـغـفًا فــي الـقـلبِ يـلتطم
فـجُـدْ عـلـى مـهجتي وصـلًا أفـوزُ بـه
وانـظـر بـعـينِ الـرضا مِـنْ مـسهُ الألـم
واشـفـعْ فـإنـكَ مَــنْ تُـرجـى شـفـاعتهُ
يـــوم الــزِحَـامِ إذا زَلّـــتْ بـنـا الـقـدم
يــا رب صــلِ عـلـى الـهـادي وجـيـرته
وصـحـبه مــا دجــى فــي لـيلنا الـقَتَم
وآل بـيـتِ رســول الـلّـهِ مــا سـطـعت
شـمـسُ الـنـهارِ ومــا حـلّـتْ بـنا الـنِعَم
29/12/1444
عـــبـــدالـــمـــلــك الـــــعـــــبَّــــادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق