انصار الموت
جراحٌ لا تُريدُ لها اندمالا
عبَرنَ القهرَ واجتزنَ المُحالا
وموتٌ لا احتضارَ به، تخطّى
حدودَ الوهم . وارتادَ الخَيالا
يٌلوّحُ كالعروس على جوادٍ
بشال النصر. تيهًا واختيالا
وينثرُ في دروب العِزّ وردًا
وينزعُ من عيون الشكّ آلا
نَضتْ بيروتُ أثوابًا ، تزيّتْ
بها قسرًا وحاكوها احتيالا
تعرّتْ كالحقيقة ، أو كسيفٍ
يُحطّمُ غِمدَهُ . فسما جمالا
فلم يبقَ الصليبُ بها صليبًا
ولم يبق الهلالُ بها
هلالا
فقدْ صيغا بسفر الدهر شِعرًا
يُرتّلُ وقفة العِزّ
ارتجالا
ألوفُ العازفين لقرع طبلٍ
على إيقاع زغردة الثكالى
تهزُّ الأرضَ أصواتٌ ، صداها
به الآفاقُ قد ضاقتْ مجالا
فضخّوا الزيتَ، فالآبارُ ملأى
وزيدوا نار بيروتَ اشتعالا
وكفّوا العونَ ، لا جدوى لمالٍ
إذا افتقدوا بساحتها الرّجالا
وحجّوا مثلما السّداتُ يومًا
بباب كنيسهم حطّ الرّحالا
وصافحهم ، وقالَ: الصفح إنّي
أُعاهدكم ،بُعَيْدَ اليوم
لا لا
وعادَ مُبشّرًا بالخير نيلًا
فدنّسَ ماءهُ . وذرا الغِلالا
شكوتمْ واليهودُ أقلُّ وزنًا
فهل سَمِعَ الأصمُّ لكم مقالا؟
وقابلتم رسول الغزو . حتى
تعرّجت الدروبُ به
مَلالا
شربتمْ كأسَ بيروتَ ارتشافًا
وهيّأتمْ لجارتها
احتفالا
قنابلُهمْ مُحرّمةٌ . وتُلقى
ولم تستخدموا فيه الحلالا
ولو كان الغريمُ أخًا شقيقًا
لذاقَ مرارة الكأس
اغتيالا
تنكّرَ للجريح أخُ . وأغضى
قريبٌ . وادعى عنهُ انشغالا
ونعتبُ . كيفَ لم يُهرعْ
صديقٌ
إلى بيروتَ كي يّنهي القتالا
كما لو كان مسؤولًا وحيدًا
عن الأحداث . أو عمًّا وخالا
وقفنا نرقبُ الأحداثَ جُبنًا
وحقدًا . وانتقادًا وابتهالا
طلبنا قرعَ أجراس النصارى
ونادتْ كلُّ مِئذنةٍ
بِلالا
وصلّينا على الموتى صلاةً
أظنُّ ستُغضبُ المولى
تعالى
فماذا بعد بيروت المآسي
جنوبًا رمتَ . أم رمتَ الشمالا
وهل هنّأتَ نفسكَ في زعيمٍ
وقد زكّاهُ (عمّكمُ)
ووالى؟
غدًا تهفو لإرزته نفوسٌ
لتنشرَ فوق حرّانٍ
ظلالا
وتكسر عند قاديشا كؤوسًا
وتشرب ماء صنّين الزلالا
وترشقكَ الحِسانُ الشقرُ ثلجًا
فتُنسيكَ العباءة
والعقالا
تتوقُ إليكَ بيّاراتُ يافا
فهلْ هيّأتَ للكرم
السِّلالا؟
فكم جاءتكَ باسمٍ مُستعارٍ
تُريدُكَ سافرًا . وجهًا ومالا
تحارُ على موائدها اختيارًا
أتفّاحًا جنىً . أم
بُرتقالا؟
لتصحوَ بعدَ سكرتها عيونٌ
وتنظر ما استجدّ وما استحالا
إذا بالسمّ يحتلُّ الخلايا
وتشكو صحّةُ الوالي اعتلالا
وتُطلبُ جزيةٌ من كلّ والٍ
على بيدائها يرعى الجِمالا
ويُذكرُ شاعرٌ . إذ قال يوما
قبولُ الظلم من حقّ الكٌسالى
على الشهداء . لا دمعٌ مُسالٌ
لغسل العارِ هذا الدمعُ سالا
بغير الموت لا نصرٌ يُرجّى
وحيدًا قارعَ الباغي
فنالا
وسامًا علّقتهُ يدٌ طهورٌ
يُباهي نور شمسكمُ جلالا
ظننتمُ أنّ في الترحيل كسرًا
لشوكة ثائرٍ يأبى
ارتحالا
هلالٌ عند أُفْق الغرب . لكن
بأفق الشرق . يستوفي الكمالا
يوسف سعّود..سورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق