أرى الدنيا على ظمإ سراباوإن صادفت في كأس شرابا
ستسقيك الذي يظميك ريا
وتعمر بالهوى منها الخرابا
كأنك إن دعتك إلى جناها
عمي ضل وجهته فخابا
هي الدنيا دناءتها تبدت
لكل بصيرة أسدت جوابا
فلا هطلت سوى سيل الرزايا
ولا حملت سوى البلوى جرابا
متى حمدت لها عقبى لحي
وهل عقبى الغبي كمن تغابى
فكن فطنا ولا تبد قبولاً
لدعوتها ولا ترج اقترابا
فكم طحنت رحاها من أناس
وكم أسرت فما عتقت رقابا
كأجمل ما يكون وراء ستر
وكل القبح إن كشفت نقابا
تزبن بالخداح لك الزوايا
فإن أقبلت لم تطق العقابا
وسل عنها الذي أفنته قهرا
ولم يبصر بها إلا ضبابا
دعته فلم يزل يخشى لقاء
لأن السم تودعه الرضابا
فكن بالله معتصما وأقبل
على التقوى لكي تجزى الثوابا
وما الإنسان إن لم يكتنفه
من الأخلاق ما فاق الثيابا
تغمده هوى الإحسان دينا
فأفنى العمر ملتمسا جنابا
فمر كعابر أو مستظلا
بظل ثم لم يلبث فغابا
وما بعد الممات سوى نعيم
تلاقي أو به تلقى العذابا
وغير الله ما لك من مجير
إذا وافيت في الحشر الحسابا
فكن خلف النبي لكل أمر
على درب الهدى تلق الصوابا
وكن بالحب مشتملا لتحظى
بما يوليك للحسنى ركابا
ولا تغفل عن الصلوات يوماً
ولا تهجر مع السعي الكتابا
بآي الله بالترتيل ترقى
إلى ما حيث دانبت الشهابا
وفي أخرى تفوز به شفيعاً
ويكسيك الحلى تاجا مهابا
فلا تضع الحياة. على هباء
لقد أعيا مجيئك والذهابا
وصل على الحبيب صلاة حب
بها من كوثر تسق العذابا
حبيب الله صفوته وفضل
من الرحمن ينهمر انسكابا
أتى والناس في فوضى تراهم
فأيقظهم وأوسعهم خطابا
وأبدلهم مع الإيمان نورا
وكم جاث الظلام بهم وعابا
فصاروا سادة الدنيا هداة
وقد ملكوا الزمام بها غلابا
وعلمهم بأن الأمر سعي
وبالإخلاص ما بلغوا السحابا
وصرح المجد لا يبنى وإلا
وعزم الكادحين به تصابى
وأن الدين للمولى تعالى
وكل بالذي أمضى اكتسابا
وأن تواضع الإنسان طبع
حري أن يكون به مجابا
فكل مثل أسنان لمشط
لآدم لم يكن إلا ترابا
فكنت به بفضل الله حيا
تجوب الأرض محفوظا تحابى
فلا تنكر لفضل الله يوماً
عليك ولا تعث فيها حرابا
أحب الخلق للرحمن طرأ
وكن في قصد حاجتهم رحابا
ولا تبخل على أحد لدين
ولا تهجر لنازلة صحابا
ولا تك عند زيت أسكبوه
كمن سهوا به قدح الثقابا
وبالإخلاق إن صحت ستدعو
إلى الإيمان تملؤها قبابا
وبعد تمام دينك بالتحلي
من استعدى فلا تخش الذئابا
فنصر الله حتما سوف يأتي
وجيش البغي ينشطر اضطرابا
ودرء البغي عنك تمام فرض
به إن مت فالفردوس طابا
أو النصر المبين على الأعادي
لتحيا شامخاً حرا مهابا
فإنا أمة لله قامت
لتدعو للهدى ليس اغتصابا
تأست بالنبي إلى علاها
فأرسى العدل منهجه كتابا
عليه صلاة ربي دون حصر
دواما بالندى يهمي انسكابا
محمد طه عرجون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق