لغتنا الجميلة
في الوزن الشعري
البحث العاشر
في التقييد و الاطلاق :
جاء في كتاب " العمدة في محاسن الشعر و آدابه "
ان من أهم الأمور .. معرفة ما ينشد من الشعر مطلقا ، و مقيدا .
قال أبو القاسم الزجاجي و غيره من أصحاب القوافي :
الشعر ثلاث و ستون ضربا .. لا يجوز اطلاق مقيد منه الا انكسر ، ما خلا ثلاثة أضرب أحدها في الكامل :
أبني لا تظلم بمكة لا الصغير و لا الكبير
يجوز هنا القول " و لا الكبيرا "
و الضرب الثاني من الرمل في قول زيد الخيل :
يا بني الصيداء ردوا فرسي ... انما يفعل هذا بالذليلْ
يمكن القول هنا " بالذليلي "
و الضرب الثالث في المتقارب .. و أنشد الأصمعي و أبو عبيدة :
كأني و رحلي اذا زعتها ... على جمزي جازي بالرمال
و قد ذكر الأخفش الأوسط في كتابه " القوافي " في باب التقييد و الاطلاق
أنه لا شيء يجوز فيه التقييد و الاطلاق ، غير هذه الأبيات الثلاثة ، و ما كان على بنائها
و جاء في الكتاب نفسه
أن الجزء اذا تم بحرف الروي ، لم يكن جائزا فيه الاطلاق ، نحو قوله :
و قاتم الأعماق خاوي المخترقْ
فقوله : وِلمخترقْ = مستفعلن ، لو أنك أطلقته ، جاء أكثر من مستفعلن ، فهذا لا يكون . و كذلك :
سبقتَ البرية في غزونا ... بحمل المزاد و نوط القربْ
فقوله : قُرَبْ = فعل
و لا يمكن القول " قربي " لأنه يكون فعلن ، و لا يكون ههنا . فهذا المقيد لا يجوز اطلاقه .
و أما قوله "
صفية قومي و لا تجزعي ... و بكّي النساء على حمزهْ
فمطلق لأن الزاي حرف الروي متحركة و الهاء هي حرف الوصل ، و ان شئت قلت " على حمزتي " فجعلت التاء رويا و جعلته = فعل .. لأن الهاء اذا وصلت صارت تاء . و التاء لا تكون وصلا ، و قد وضعت العرب التاء مع الهاء في اشعار كثيرة .
يقول أبو النجم :
أقول اذ جئن مدبجاتِ ... ما أقرب الموت من الحياةِ
و منهم من يقول : الحياة ، فيجعلها تاء في الوقف لئلا يختلف الروي ، كما فعل في الوصل ، لأن الوقف في القوافي ، يجيء على غير الوقف في الكلام .
كما أن العرب كانوا يثقلون ما ليس بثقيل .. قال أحدهم :
أقول اذ خرّت على الكلكلِّ
ببازل وجناء أو عيهلِّ
تعرضت لي بمكان حلِّ
تعرض المهرة في الطُّولِّ
هنا شدد حرف الروي
يريد : الكلكلِ و العيهلِ و الحلِ و الطّولِ فثقّل ، لأن قوما من العرب يقولون هذا خالدُّ ، فيثقلون في الوقف ، و أجازوه في الاطلاق .
و في هذا ما يطول شرحه .. و أكتفي بما ذكرت .
.......
خالد ع . خبازة
اللاذقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق