شكوى منسابة
لم أكن بوماً ولا حتى غرابا
ما لشكوايَ أتت مني انسيابا
من خواءِ الروحِ ينسابُ الأسى
حمماً تحرقُ آمالاً عِذابا
وفؤادٌ ذابَ في أحزانهِ
بعدما شيّدتُهُ أمسى خرابا
وحبيبٌ غابَ عني معرضاً
لم يزد قلبَ الفتى إلا عذابا
وهمومٌ كسحابٍ ماطر ٍ
قد أحالَ الروحَ غيماً وضبابا
وخطا الخلقِ ضجيجٌ صاخبٌ
في برودٍ كادَ يغتالُ الصوابا
ولهاثٌ ضُيّعَت أنفاسُهُ
وجبالٌ من منى أضحَت سرابا
ربَّ سهمٍ طائشٍ مزَّقني
وعدوٍّ لم يزل يرمي حرابا
ليتني في عالمٍ من أحرفٍ
صاغني من لُجّةِ الحبِّ كتابا
ليتني عصفورُ ودٍّ في الفضا
ألبسُ النورَ من الفجرِ ثيابا
ليتني وردةُ فلٍّ قد زهت
وبعشقٍ فتّحَت للشمسِ بابا
ليتني سيلٌ وشلالُ هوى
تخذَ العشاقُ من مائي شرابا
ليتني عشتُ مع الأطيافِ إذ
سجدَت للنورِ حباً ومتابا
ما الذي أنزلني في عالمٍ
قد أحالَ النفسَ صخراً وترابا
كلُّ ما فيهِ صراخٌ وأذى
وبهِ قد (تؤخذُ الدنيا غلابا)
وبهِ الكذّابُ يسمو عالياً
والذي يصدقُ في بلواهُ غابا
وبهِ التافهُ يعلو شأنُهُ
ولقد أُوتيَ أظفاراً ونابا
وبهِ الأشرارُ سادوا وارتقوا
وبهِ الخيّرُ لا يرجو ثوابا
صاحبُ المالِ عظيمٌ يُتَّقَى
قد غدا في الأرضِ سلطاناً مهابا
وقليلُ الرزقِ أضحى باكيا ً
وتراهُ من أذى الناسِ مصابا
لستُ أدري ما الذي غيّرَنا
وغدونا نكرهُ الخلقَ ارتيابا
نشتري للنفسِ حقداً وأذى
ونبيعُ الخلقَ مكراً واغتصابا
حبَّذا البعدُ عن الناسِ إذا
أصبحوا في غفلةِ الدهرِ ذئابا
وجميلٌ صحبةُ الوحشِ وقد
صارَ من ترعاهُ يجزيكَ اكتئابا
لهفَ نفسي من زمانٍ بائسٍ
كلَّما قد جئتُهُ رمتُ الذهابا
كم سؤالٍ يصدمُ العقلَ فلم
أجدِ اليومَ لهُ عندي جوابا
وصديقٍ كلما قد زرتُُهُ
أتعبَ الروحَ ملاماً وعتابا
يطلبُ الوصلَ وينسى ألمي
ليتهُ يرعى لمن يهوى الجنابا
لم أعد أرجو من الدنيا سوى
أن تزيلَ الهمَّ أو ترخي الخطابا
وحبيبي لو يوافي بالرضا
لذَّ عيشي بعد ذا منهُ وطابا
د فواز عبدالرحمن البشير
سوريا
١٦-٣-٢٠٢١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق