(جاء الشّهرُ يا أبتي)إنّي هرمتُ وفيَّ الطّفلُ ماهرمَ
وبانَ شيبي وقلبي عنكَ ما فُطِمَا
يا ساكناً ما عشتُ في وجدانِ ذاكرتي
ما كانَ ذنبي وقد أَورثتي قَلَمَا؟
أنا أمامَكَ مكشوفٌ بلا حُجُبٍ
تخفي يراعي وتخفي عنكَ ما رَقَمَا
يا نائرَ الوجهِ يا مشكاةَ قافيتي
من فيضِ ذكرِكَ فاضَ الشّعرُ واحتدمَا
يا طيّبَ الذّكرِ بينَ النّاسِ قاطبَةً
أَيدركُ الموتُ نجماً للسّماءِ سَمَا؟
ويدركُ الموتُ مَنْ كانتْ نهايتُهُ
مِثْلَ البدايةِ تمشي كيفما رَسَمَا؟
يا دافءَ القلبِ إنَّ البردَ يلسعُني
فأينَ آوي وحظّي منكَ قد عَدِمَا؟
ياليتَ شعري فمُذْ فارقتني رحلَتْ
روحُ الشّبابِ وولّى الطّفلُ وانهزَمَا
أيكبرُ الطّفلُ إلا حينَ تقصدُهُ
يدُ المنونِ بفقدٍ كالمدى عَظُمَا؟
ويكبرُ الطّفلُ دهراً قابَ ثانيةٍ
فيغنمُ الشّيبُ مِنْ فوديهِ ما غَنِمَا؟
قد أقبلَ الشّهرُ هذا اليومَ يا أبتي
وأقبلَ الشّعرُ مشطوراً ومُنقسِمَا
فمنْ لشعري إذا بانتْ محاسنُهُ
وأسمَعَ النّاسَ إلا أنتَ ما نَظَمَا؟
ومَنْ سأقرأُ(جاءَ الشّهرُ) مُبتدِئاً
بحمدِ ربّي على الخيرِ الذي قَدِمَا؟
ومن سأقصدُ صبحَ العيدِ ياأبتي
فأَشهَدُ البِشْرَ مع عينيهِ مُنسجِمَا؟
قد كنتُ أملأُ من عينيكِ محبرتي
وكنتُ أطمعُ أنْ ألقاكَ مُبتسِمَا
وكنتُ أقرأُ صدرَ البيتِ في حذرٍ
حتّى أراكَ تجيزُ الوزنَ والكَلِمَا
فأَكمِلُ البيتَ تلوَ البيتِ مرتَقِباً
ردّاتِ فعلِكِ ، علّي كنتُ مُجترِمَا
وأنتَ كالغيمِ مِنْ فوقٍ أُغَاثُ بهِ
على المسافةِ أستسقيهِ مُحتشِمَا
فلي فؤادٌ عفيفٌ في طبيعتِهِ
لا يسأَلُ الغيمَ إنْ أهمى وإنْ حَجَمَا
ويدّعي اليُسرَ كي يبقيكَ منشرحاً
أو خوفَ ذنبٍ بأمرٍ كان مُنبرِمَا
يا وارفَ الظلِّ يا حضناً ألوذُ بهِ
رغمَ المشَقَّةِ تسليماً بما قُسِمَا
تجري الشّهورُ وإنّي لا أُمَهِّلُها
في طيِّ عمري،فعمري قبلُ قد حُتِمَا
(والحمدُ للهِ حمداً لا نفاذَ لهُ)
وكلّ عامٍ وأنتَم يا أبي عَلَمَا
محمد ياسين ابراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق