ويحدث أن ...
هي طفلةٌ , وكنسمةٍ بغـــــــــروبِ
تأتي لبـــــــــابي عند كل هروبِ
وتشــــــاكس الأولاد دون هــــوادةٍ
وجديلتـــــــــاها ضُمِّخت بطيوبِ
في جوقة الصبيان مثل فراشــةٍ
نسيت أنوثتهــــــا بــــــلا تثريبِ
لم تلتفتْ نحو الدمى , وكأنّهــا
طفلٌ شقيٌّ ملّ من دبـــــــــدوبِ
وتقول لي : عمّـــاه ذاك يغيظني
وبضحكةٍ تنــــــــــأى بغير رقيبِ
ومضى الزمــــان بسـرعةٍ متأبّطاً
وجهــاً صغيراً ضاع بين دروبي
عشرٌ من السنوات مرّت , لم أجـــدْ
ذكرى لها , إلّا كطيف لعـــــــــوبِ
صوتٌ يناديني كشدْوِ عنــــادلٍ !
أو ديمةٍ هطلت عليَّ , ســـــكوبِ
ضحكت, وقالت : كيف أنتَ؟ كأنها
تلك التي انســــابت كنهر حليبِ
أنسيتني عمّـــاه ؟ وانداحت رؤىً
وشعرتُ بالخفّـــــاق بعض دبيبِ
عمّـــــاهُ زُرْنا بالمســـــــاء , فإننا
نشـــــتاق وجهكَ مثل أيّ قريبِ
هو واجب الجيـران أن يتواصلوا
ومضت تثير زوابعي , وشـــحوبي
كانت كمُهرٍ جامحٍ , ريّـــــــــــانةً
كالصبح , كالأنســــــام , كالتوليبِ
وذهبتُ يأخذني فؤادي , لا الخُطى
أُخفي الجـوى , وحرائقي , ولهيبي
نظراتها نحوي تســـــدّدها غِــوىً
وأنا كمصلوبٍ , بغيــــــــر صليبِ
يغتالني غنْــــــجٌ كأنفاس الظِّبـــا
يا ظبيــــــةً تلهـــــو بمرج قلوبِ
ما أنتِ أنتِ , ولا أنــــــا يا طفلةً
كبرتْ لتشعل غيرتي , وذنــــوبي
ما ليْ أداري نظرتي عن مُهـــــرةٍ
تجتاح كلّ مدائني , وســـــهوبي
وكأنني اســـتسلمتُ دون إرادتي
وخسـرتُ في روض الغرام حروبي
كالخمر تســري في العروق حرائقاً
ضحكاتها قد أدمنتْ تــــــذويبي
أهي التي كانت ؟ أمَ (ا) نّي واهمٌ
ليس الذي يجتــــــاحني بكذوبِ
وأكاد أصرخ , والحيــــاء يصدّني
يا أنتِ يكفي في الهوى تعذيبي
وسمعتُ همساً من وجيب فؤادها
ما عدتَ (عمّـو), بل غدوتَ حبيبي
عبد الكريم سيفو _ سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق