مشيب قلم
شابت ذوائبُ شعري من ضنى نغمي
وابيضَّ من صبرِ حرفي مفرعُ القَلمِ
أرخى جدائلَهُ البيضَ التي وَصَلتْ
كعبَ الحكايةِ لكن ظلَّ كالصَّنمِ
وظلَّ يمشطُ شيباً كم يهِ مُلئت
عوارضُ الشعرِ يسبي عينَ ذي وَحمِ
يمشي على إبرٍ ما حسَّ ما وَخَزتْ
والروحُ قد غَرِقَتْ في ذا المدى بدمِ
فودَّعَ الروحَ لا يدري متى سَلبتْ
منها الأفاعي رقاعَ الليلِ والحُلمِ
ما خطَّ حرفاً على أوراقِ عاديةٍ
مَن أغرقَ السطرَ بالتخريفِ والوَهَمِ؟!
عكازهُ الصمتُ يمشي فوقَ أضرحةٍ
لأصبعٍ ويدٍ مقطوعةٍ وفَمِ
لاقى شحوباً بوجهِ الحرفِ يسألُهُ
عمَّا أصابَ جسومَ الفكرِ من سقمِ
فالشيبُ إن يغزُ رأساً يافعاً عُزِفَتْ
روحُ الشبابِ بناياتٍ من الهرمِ
والليلُ كم طالَ بالآلامِ إذ مَكَثَتْ
عيناهُ تنظرُ خلفَ الأفقِ للعدمِ
والمرءُ إن أدْمَنتْ أعضاؤه كسلاً
خارتْ قواهُ فتُغري الروحَ بالسأمِ
والروحُ تنضبُ مِن أجسادِ من هَجَروا
أحلامَ عمرٍ لطيرِ البومِ والرَّخَمِ
لا يدركُ المجدَ من أودى بهِ جَدَلٌ
يبقى يراوغُ في دوَّامةِ الكلمِ
فاخترْ مكاناً إذا الأيامُ قد هَرِمَتْ
تلدْ حشاشتُهُ الأوقاتَ من رَحِمِ
واسقِ الجذورَ شعاعَ الشمسِ في تُرَبٍ
ليُنبتَ الصبحُ زهرَ الخُلقِ مِن قِيَمِ
وانظرْ لعلَّ رُبَى الأيامِ في غَدِنا
تعودُ ينهضُ حرفٌ من لَمى أكَمِ
يعودُ للبحرِ قبطاناً على سفنٍ
وينقلُ الشمسَ والأقمارَ للظُلَمِ
فيغسلَ الشيبَ من حبرٍ به غَمسَتْ
أنشودةُ الشمعِ أنواراً من الحِكَمِ
محمد عايد الخالدي /الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق