ذكريات و أيام .. لن تعود
في أواخر عام 1960 و أوائل عام 1970 من القرن الماضي .. كنا لفيفا من الأصدقاء ضمنا ناد ثقافي " جمعية العمل الثقافي " .. باللاذقية .. كنا نجتمع في افيائه تجمعنا المحبة .. و تضمنا الألفة .. نتداول الأحاديث و الفكاهة فضلا عن القيام ببعض المحاضرات الثقافية و القاء القصائد الشعرية التي ينظمها بعض أعضاء النادي في ذلك الوقت ..
كانت اللاذقية و من قبل ذلك .. تشهد ازدهارا فنيا في عالم الفنون يقوده " النادي الموسيقى" بعمالقته الأوائل الذين قدموا لوحات رائعة من الفنون بمختلف أنواعه .. ليس على مستوى اللاذقية فقط .. و انما على مستوى سورية بأكملها .. بل و العالم العربي أجمع .. و كان لدييه مسوسيقيون و فنانون على مستوى رفيع .. و هو ما شرف مدينتنا الرائعة
وفيما بتعلق بمنتدانا فقد كان بمستوى أقل .. انما كان يقدم ما يمتلكه اعضاؤه من امكانات متواضعة في ها الفن .
و قد سمحت مساحة النادي الكبيرة في ذلك الوقت .. أي العمل الثقافي .. حيث كان مقره ملاصقا تماما لسينما " ليلى " باللاذقية .. باشادة خشبة للمسرح بشكل نظامي يعلو عن الأرض بما يعادل مترا واحدا أو أقل قليلا .. و كان بشكل نصف دائري كما هي المسارح النظامية .. و له فتحه تسمح بتلقيم الممثلين اثناء القياام بعملهم المسرحي .. حيث كانت قاعته تتسع بما لا يقل عن مائة انسان ..
كنا نقوم بعمل سهرات ترفيهية بشكل مستمر و دوري كل اسبوعين .. يتم في خلالها تقديم مسرحيات قصيرة و القاء بعض القصائد أو انشاد الأناشيد و الموشحات التراثية .. و كان يحضر تلك الأمسيات عائلات أبناء النادي و عدد كبير من الاصدقاء و عائلاتهم من خارج الأعضاء .. و كنت حينها ان قمت بكتابة بعض الأناشيد و الموشحات و القصائد .. لالقائها وانشادها على خشبة المسرح المذكور .. و لا شك أن من عاش تلك الفترة المزدهرة .. من أبناء اللاذقية ان يتذكر ذلك . و قد قام أحد أعضاء النادي و هو المرحوم الفنان " مصطفى جمل " بتلحين نشيد النادي و تلحين أحد الموشحات بعنوان " لا تلمه " الذي قام في بعد و في عام 1996 المرحوم الفنان سمير زوزو بتوزيع موسيقاه .. حيث قام بانشاده على مسرح المركز الثقافي باللاذقية أمام محافظ اللاذقية في ذلك الوقت .. مجموعة من طالبات مدرسة التمريض باللاذقية تتألف من خمسين فتاة .
كانت ذكريات و أيام رائعة ما تزال باقية في الذاكرة ..الا أنها لن تعود .. و قد لا يرى مثلها .. و للأسف .. الأبناء و الأحفاد .
أما نشيد " جمعية العمل الثقافي " .. فيقول :
سلاٌمٌ من القـــــــــلبِ جمعيتي ... لأنـــتِ حيــــــاتيَ أو مهـــــجنتي
و أنتِ هوايَ ، وكلُّ المنـــــى ... و أنت مــــــــلاذيَ في كــــربتي
إليك تهـــــــــافتُ كلَ القلـــوبِ... لتقــــوى النفـــــــوس على الشدة
....
أجمعيتي .. أنت نــورُ الهدى ... و أنت المنــــارةُ ، طولَ المــدى
سكبتِ الضياءَ على العالمينَ ... فنونــــًا ، تُفجـــــــر حقدَ العدى
فيا زهرةً في رياضِ الجمالِ ... كدمعِ اليتــــامى علاها النـــــدى
ففيك العلومُ ، ومنك الفنــونُ ... و يبقى لغيــــركِ رجعُ الصــدى
....
أجمعيتي ، إن يعزُّ الفــــداءُ ... و شحَّت كذا تضحياتُ الوطـــنْ
نكونُ قنابـــــــلَ فوقَ الغزاةِ ... و من دم هذي القلوبِ الثمــــــن
فسيري إذن للعلاءِ البعيــــدِ ... على الرغمِ مما تـــــرومُ المحن
و عيشي لأبناءِ هذا الزمـانِ ... شعاعَ الهدى، رغمَ أنفِ الزمـن
1968
أما الموشح .. فهو بعنوان " لا تلمه "
لا تلمْه ، حين يبكي ألمــا ... قد أصــابَ القـــــلبَ سهمَ المـــقل
فأقــلْ لومَــك عنه .. ربما ... لم تكــن تدري رحيــــــقَ القـــبــل
............ لـي حبيبٌ يسلــــــبُ اللبَّ رؤاه
............كاملُ الحسنِ فما أشهى صِــــباه
............و لذيذُ الخمـــــرِ يُسقى من لمـاه
لا تسلْ عن طعمِ هاتيك اللمى ...منهما قد ذقـــتُ طعمَ العســـل
...............ألفتْ عيناي طولَ السهــــــــرِ
..............بعد ما أعشى سناه بصــــــري
..............في سناهُ فاق حسنَ القمـــــــــر
أتـــراهُ عاشقــــا يبكي دمــا ... أم تراهُ لم يزل في خجـــــل
..............لج قي الهجر طويلا ، وأنــــا
..............أنحل الهجران جسي و الضنى
............. هكذا أبدي صدودًا خلـــــــــنا
أترى ما مـــرَّ يحكي الحُلما ... أم ترى لم يدرِ معنى الغزل
اللاذقية 1969
و قمت في اثناء ذلك بكتابة قصيدة قصيرة مقتبسة .عن الشاعر المهجري " اسعد رستم " .. من اجل الفكاهة و أسقطت الفكرة على أحد اعضاء النادي الذين كان يحمل في جنباته روح الفكاهة و الدعابة .. فضلا عما في روحه من الطيبة و الأخلاق الرفيعة .. و كانه محبوبا من جميع أعضاء النادي .. قلت :
سألقي عليــكم ، أيهـــــــــا الجمـــع قصـــة ... من الخـــير أن تلقــى قصيـــدا ، فيســـــمعُ
رأيت فــتى في الحــي ، يدعى " خويلـــدًا " ...يجـــر حمـــارًا خلـفــه ، وهــو يســـــــرع
فأوقفــني في مفــــــــــــــرقِ الطرق قائـــلا ...أحقــا بــأن لا بــدَّ للمـــــرءِ مصـــــــــرع
أجبـــــــت : بلـــى ، لله درك ، مــــا تــرى ... شبـا الموت مثـل السيف ، في النـاسِ يقطع
فقــال : وماذا بعــد مــوتٍ ، و مصــــــرعٍ ... فقــلت : حســـابٌ عنـــد ربـِّـك ، يُجمـــــع
فقال : و مــاذا في الحســـابِ ، أجبتـــــــــه ... هنـــاكَ عظيـــمٌ ، بالعصـــايةِ يقـــــــــرع
فـــروى قليـــلا ، ثـــــــــم شــــــدَّ حمـــارَه ... وقــال ، وكــل الناس للقــــــولِ يسمــــــع
سأنــظر أمــري .. إن رأيــت عصـــــــاتـه... ( سـأركبُ جحشي من هنــاك ، وأرجع )
اللاذقيــة 1970
حقا لقد كانت أياما جميلة رائعة .. لكنها لم تدم طويلا .
..........
خالد ع . خبازة
اللاذقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق