أمّاهُما زِلتُ ذَاكَ الطّفلُ يا أمّاهُ
مَنْ ظلَّ يَحْمِلُ شَوقَهُ وَهَواهُ
تَرْسُو بِهِ الخَمسونَ في شُطآنِها
وَيَرُدُّهُ تِحْنَانُـــــــهُ لِصِباهُ
للسَاحِ للسُوقِ القَدِيمِ لِمَنزِلٍ
سَارَتْ بِكُلّ دُرُوبِهِنَّ خُطاهُ
وَفِرَاشِ طِفْلٍ والبَخُورِ وَقهوَةٍ
والطّيب يَعْبِقُ في المَكَانِ شَذَاهُ
يَغْفُو على جُنْحِ الحِكايَاتِ التي
ما كنتِ قد تَرْوينَهَا لولاهُ
وَيَخَالُ ليلَ العِيدِ دَهْرًا سَرْمَدًا
ليلا يطولُ على الصّغِيرِ مَدَاهُ
حتّى يُقَطّعُهُ جَمِيلُ دُعَائِكُمْ
فَجْرًا لِتُشْرِقَ شَمْسُهُ وَضُحَاهُ
أنا ذلكَ الطّفلُ الذي إنْ نَابَهُ
خَطبٌ غَشَاهُ يَصِيحُ يَا أمّاهُ
مُتَطَلّعًا مَاذا يُخَبّئُ جَيبُها
وَيَكادُ يُحْرِقُهُ جُنُونُ هَواهُ
يَشتَاقُ ضَمّتَهَا وَعَذْبَ حَدِيثِها
تَغْفُو عَلى صَدْرِ الحَنانِ رُؤَاهُ
واليومَ قَد زَادَ المَشِيبُ بِرَأسِهُ
والهَمُّ أنحَلَ جِسْمَهُ وَغَزَاهُ
وَتَنَازَعَتْ سُودُ اللّيّالي صَفْوَهُ
سَرَقَتْ سَنَا أَحْلامِهِ وَمُنَاهُ
والطّهرُ أنتِ الطّهرُ يَغْسِلُ كَفّهُ
فَتَعُودُ بِيضًا كالنَّدى كَفّاهُ
والنّورُ يَغْشَى دَرْبَهُ فَيُضِيئُهُ
والحُسْنُ يُذْهِبُ هَمّهُ وَأسَاهُ
أمّاهُ إنْ عَضَّ الزَّمَانُ فَمَنْ لَهُ
قَلبٌ كَقَلبِكِ إنْ شَكَا يَرْعَاهُ
وإذا بِجُنْحِ اللّيلِ تَاهَتْ خَطوُهَ
مَنْ ذَا يَرُدُّ إلى الطّرِيقِ خُطَاهُ
شعر : عدنان أبوشنار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق