النّاس للنّاس
أزِلْ حجابَكَ وانظر خارجَ الحُجُبِ
فإن كُفِفتَ فأنتَ الدّودُ في الخشبِ
وإن رأيتَ نجوماً لستَ تعرفُها
بيتُ القصيد لنيلِ النّور في الأدبِ
صديقُكَ الخصبُ في الأضواء تعرفُهُ
فجِد طريقَكَ أو فارجع إلى الحُقَبِ
لا يعرفُ النّورَ من في اللّيل موئلُهُ
أو يدركُ الرّأسَ من يحنو مع الذّنَبِ
النّسرُ حلّقَ في الأجواء منتفضاً
هيَ الدّجاجةُ تبقى داخلَ العُلبِ
أمِط لثامَكَ واستهدي بمن خلعوا
جلبابَ ماضٍ وصاروا أوّلَ العربِ
ضيفُ الوليمةِ لا كالضّيفِ في قَفَرِ
وجابرُ الكسر لا كالصّاحب التّعِبِ
وكّلْ فؤادكَ لو صادفتَ ملتبساً
لا يدخلُ القلبَ من يجثو على الرُّكَبِ
قضيتَ عُمراً كفوفَ الشّوك تنزعُها
وفي انكفائكَ يوماً لم يزركَ صبي
قل لي بربّكَ هل شاهدتَ من بشرٍ
غير المصالح مثل النّار للحطبِ
حاذر صديقك ألفاً قبل مغتربٍ
طبيعةُ الخلقِ طعنٌ في كلام نبي
يا أيّها النّاسُ ماللنّاس قد سقطوا
ببؤرةِ الزّور يستهدونَ بالكذبِ
حزب الشّياطين فيضُ النّاس يتبعُهم
وندرةُ الخلق تستقوي بمنتَجَبِ
فإن أردتَ من الرّحمن مغفرةً
درب الحقيقة معروفٌ ولم يخِبِ
سيسبحُ السّوءُ في بحر الظّلام ولا
يهمّهُ النّورُ حتّى آخر الحقبِ
ويشمخُ الحقُّ لو يبدو بمعتقلٍ
ويلمعُ الخيرُ في العينين والهُدُبِ
آمنتُ بالقول حين ارتحتُ مسمعَهُ
ولا أمِنتُ بكنزٍ جاهلِ النّسبِ
فكُن أُخَيَّ بوادي الصّمتِ مُحترماً
ولا يغرُّكَ تيجانٌ مع الرُّتَبِ
كلُّ الخليقةِ في الأجداث منزلُها
تعادلَ النّاس تحت الصّخر والتّرَبِ
فلو يلومُكَ صحبٌ لا حياءَ بهم
أنتَ السّليمُ فلا تأبه إلى الخُطَبِ
مواقدُ الفرقةِ الحمقاء في نَهَمٍ
هوَ الغبيُّ الّذي أفتى إلى اللّهبِ
النّاس من أنِسوا الأخلاقَ واجتمتوا
كُثرُ المذاهبِ لا يُنجي من الكُرُبِ
فمن دعاكَ لحقٍّ ذاكَ مقصدُنا
ومن دعاكَ لقتلِ أحمق الطّلبِ
آمنتُ بالله حُبّاً ما جُبِرتُ بهِ
فإن كُرِهتُ لشيءٍ ذاك بالعجبِ
النّاس للنّاس ما دام الوِفاق بهم
وحاملُ الحقدِ يبقى خارجَ الكتبِ
( لا يعرفُ الحقدَ من تعلو به رتبٌ
ولا ينالُ العُلا من جاء بالغضبِ )
فكُن لغيرِكَ نوراً يُستضاءُ بهِ
واترك ظلامَ عبيدِ العتمِ للحُجُبِ
فادي مصطفى
البيت بين قوسين استعارة من عنتر بن شداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق