السبت، 11 أبريل 2020

صائد الحمام/بقلم الكاتبة ملاذ علي

صائدُ الحمام
.
يُقَبلُ حَباتِ القمحِ ثم يبذُرُها بهدوءٍ على الأرض ويجلسُ على بُعدٍ مناسبٍ لتأمَنهُ الحَمامةُ التي أراد. لا تفارقُ الإبتسامَةُ وجهَهُ الهادئ.. هو يستلذُ بالتفننِ في فتنةِ الحمام ، لايستعجلُ إصطيادَها، هو يُقنعها بالثقةِ والأمان . يوم ..يومين ولربّما شهر ، فهو صبورٌ حتى تستشعرُ الحمامةُ مِنهُ دِفأً وحنّواً وكأنهُ أحدُ اقرانِها.. هو إتصالٌ روحي يسمو على قولبَةِ الأشكالِ والأصنافِ ، إنسجامُ الروحِ مع الروح تُحطّمُ التقنينَ وتَرسمُ أُطرَ الحُبِ اللامتناهي ، وتبعثُ في النَفسِ ألحانَ الطبيعةِ الغنّاءِ فيتماهى معها رِتقاً سَماوياً أوحدا ..تأتيهِ في الميعادِ لتلتقط من يديهِ الحبوبَ ويطيبُ لها الإغفاءةُ بينَ كفّيهِ هُنيهةً.. ثم تقفُ على ساعدِهِ كالصقر ، تفرشُ جناحيها كالبجعةِ ، ترفعهما كراقصةِ الباليه ..ثم ترفرفُ عالياً وتحومُ حولَهُ وترجِعُ لهُ مرةً أُخرى ... هي قصيدةُ الحُبِ التي تهديها إليه بلا كلماتٍ فهي الوزن والقافية ... وأخيرا أصبحت له.
أخذها معهُ الى البيتِ ، وَضَعها في قفصٍ مَليءٍ بالحَمام ..نَسِيَ أنْ يُطعهما في اليومِ التالي ، ربّما هو مشغولٌ في إصطيادِ حمامةٍ جديدة .

#ملاذ_علي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق