الأحد، 20 يونيو 2021

* بين حضن الأمِّ وحضن الدهر*بقلم الشاعر...سيد حميد عطاالله


* بين حضن الأمِّ وحضن الدهر*


شربتُ فمرَّت في الكؤوسِ عصائرُه 

فكنتُ بفيهِ الدهرَ تذوي سجائرُه


فنحنُ هنا القتلى بنابٍ وأضرسٍ

أعدُّ ولاتُحصى بعصري خسائرُه


سقطنا فضعنا في الكثيبِ وأعلنت 

بكلِّ بقاعِ الأرضِ تسقي مخاطرُه


عبرنا فنصفٌ قد تداعى بنهرِهِ 

ونصفٌ طحى لمّا تداعت قناطرُه


وهذا رداءٌ من همومٍ بجعبتي 

يشاطرُني جرحًا وردحًا اشاطرُه


أهش على جُرحي فأسمعُ ضجّة

لتنزو على جرحي هناك كناغرُه


هربتُ فصارَ الشيبُ يعدو صُبابتي

وما من طموحٍ كي تُجذَّ ضفائرُه


هنا مات ما ابدى وابطنَ فانقضت 

على التلِّ صرعى كالصليبِ ضمائرُه


فأخمدُ جذوى الهمِّ في كُمِّ صبوتي 

فعادت تغذيني اللهيبَ مجامرُه


وليلٍ بويلاتِ الشجونِ كأنّني 

أُنيمُ له بعضي وبعضي يسامرُه


ظهرتُ على قرنِ الزمانِ ولم يزل 

سيخبطني خبطًا إذا ما اظاهرُه


على الأرضِ مرميون والدهرُ فوقَنا

يُزيِّنُ قتلاهُ لتحلو مقابرُه


بنبرةِ مكرٍ والدهاءُ يحفُّها

تصلصلُ كالأفعى عليّ منابرُه


أحومُ كعصفورٍ تهشّمَ عشُّهُ 

وتلهو على عشٍّ جميلٍ قنابرُه


وأحفرُ في قلبِ الحياةِ فلم أجد 

سوى الوَحْرِ ما جادت علي مآبرُه


أخطُّ من الذكرى فتأتي رياحُهُ 

فتُمحي الذي قد ثبَّتتُهُ دفاترُه


أحنُّ إلى صغري وعصرِ طفولتي 

فماتت بطعناتٍ رمتها خناجرُه


ومازلتُ استدعي واصرخُ عاليًا

انادي ضحايا ولولتهم مجازرُه


أراهُ بوجهِ الغولِ والظّفرُ بارزًا

عجبتُ من الآهاتِ كيف تآزرُه


إلى الحتفِ أبلغني فلست مباليًا

سئمتُ فلا قلبٌ لديّ يعاشرُه


كم احلوّت الأيامِ أبّانِ أمّنا

وحضنٌ لها فرشُ الحنانِ وثائرُه


ألوذُ إليها حين يهجمُ وغدُهُ

هي الحصنُ فانجابت عليه اباطرُه


وأسمعُ قلبَ الأمِّ وهي دفينةٌ

فها اللهُ ما اسمى هناك مشاعرُه


وددّتُ بهذا الحالِ أن الثمَ الثرى

وقبرٌ لها في وسطِهِ لا اغادرُه


إلى الماضي أرسلني ودعني بسجنِهِ

أنا الآنَ مسجونٌ بذلكَ حاضرُه


فقد جاسَ في أهلي الديارَ وعفَّها 

تحيطُ بنا مثلَ المنونِ عساكرُه


ويُرسلُ بالأوغادِ كيما يُغيظُني

وتحكمني رغمًا عليّ طراطرُه


أراهُ ابنَ آوى والجميعَ دجاجَهُ

فلا القنُّ حاميها ولا الديكُ ناقرُه


حفرتَ بهمٍّ أو أنا اليومَ حافرُه 

سقطّتُ ففيها ادهستني حوافرُه


ويهتفُ جمهورٌ فداؤك كلُّنا 

هو الربُّ فاختالت عليهم قنادرُه


إذا كنتَ تبغي أن تراه فإنّنا 

رأيناهُ فعلًا في القلوبِ أظافرُه


فيشحذُها فينا فكم من أذًى لها

نمت عاليًا إذ اشبعتها ذخائرُه


ويزأرُ فينا مذ حبونا بأرضه 

فما يسلمُ الآتي أو سيأمنُ زائرُه


هنا القتلُ والتفريقُ والموتُ آخرًا

فتلك بنودٌ في الحياةِ شعائرُه


أجرُّ بخيباتِ الزمانِ كمئزرٍ

وآكل حتى اشبعتني جرائرُه


دعوني إلى أمّي الوذُ بقبرِها

وحيثُ إلى ريبِ المنونِ أصاهرُه


بقلم سيد حميد عطاالله طاهر الجزائري العراق/ السبت/ ١٩/ ٦ / ٢٠٢١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق