الأربعاء، 18 مارس 2020

بقلمي : ريحانة الشام : مريم كباش. * تشرقُ الشمس :

** تشرقُ الشمس : 
===========
جلستُ أنتظركَ في اليوم نفسه , عند البيت  ذاته الذي كان يجمعنا , على نفس الأريكة التي  شهدت ضحكاتنا , أحاديثنا .. ونقشتُ على صعيدها كلَّ لحظةٍ جميلةٍ كانت روحاً للذِّكرى  معك .. أشياؤك المبعثرة على الطَّاولة بفوضى غريبةٍ التي أكره , كما غضبك حين تعود للمنزل وأنا في المطبخ لا أزال  أُعدُّ وأجهِّزُ لك أطيب وألّذَ طعامٍ كما تحبُّ وتشتهي . لازالت صورك المعلَّقة على حائط غرفتي .. وجدران قلبي بلونها الطُّفوليّ الدَّائم الحبّ كخضرة سنديان بلادي لا يشيخ أبداً .. شاهدةٌ على عمق ارتباطي  وتعلّقي بك , كأنّها تخبرك أنَّ قلبي يتحرّق لرؤيتك , ومشاعري المريضة بالشّوق ولوعة الحنين تئنُّ بوجعٍ كبيرٍ .. عميق ..
هاهي كتبك كما هي على رفوف المكتبة , تنتظر أن تلمسها يداك بلمسة شغف  وحبّ.. وعيناك تطالع السُّطور كأديبٍ امتهن المطالعة أزماناً .. وأنا جالسةٌ أرقبك من بعيد , وقلبي المغمور بحبّك يرتِّل لك كلمات التحصين .. والبسملة .. والحوقلة .. خشية العين  والحسد .. ولشدّة خوفي عليك أرسل من دموعي أدعيةً تنطلق بها عصافير صدري ليحميك ربّي من كلِّ أذىٍ ..أو مرضِ.. أو مكروه ..
 حبيبي ... يانور عيني .. يانبض قلبي .. وأنفاس روحي .. رغم أنَّ صقيع الغياب يلفُّ حياتي لكنَّه لم يستطع أن ينال من حضورك الدّائم في خلجاتي وسكناتي .. فطيفك يجري مجرى الدّم في الوريد والشِّريان .. 
ما زلت أعيش على الذِّكرى الجميلة , مستندةً إلى جذع الأمل .. وأمسك عصا الصَّبر أهشُّ بها على قطيع أحزاني , مازلت أتخيلك كما أنت .. كما كنت .. وأشكِّل من الياسمين الذي تهواه وأوراق الجوري بلون شوقي صوراً كثيرةً لوجهك الجميل يبسم لي بعيون تعانقني حبّاً وفرحاً .. 
يتأبَّط ذراعي طيفُك الذي لم يفارقني , مذ فارقتني بجسدك ... يشاركني لحظات انتظارك باسمةً مرّةً وباكيةً مرّات ومرّات .. مضطربة .. مرتبكة .. كما الرِّيح تعوي بأركان روحي .. تتلاعب بخصلات شعري .. 
ها أنا ذا أشتَّم ريحك العاطر من بعيد ..  وأراك كالشّمس تشرق دائماً بقلبي .. أسمع كلماتك الرّقيقة تدندن لي أغنيةً جميلةً تسقي روحي عذبك الذي أتوق إليه .. أمسح رأسك المُلقى بحضني ..   أشعر بدفء يديك  تعانقني بفرحٍ طفوليٍّ غامر أتحسس قبلاتك على يدي وجبيني تطالبني بفيض رضىً .. وحبِّ ..ودعاء. 
عين القلب التي ابيَّضت من الحزن  يكفيها الهواء المثقل بعطرك لتبصر ..
وترتسم على وجهي ابتسامة امتزجت بدمعِ مسفوحٍ على خدّي .. وينصت كُلِّي إليك وأنا أسمعك تردِّدُ أغنيتي المفضَّلة التي طالما غنيتها لي في مثل هذا اليوم :
" ستّ الحبايب ياحبيبة " .. كلّ عام وأنتِ بخير يا أُمِّي .
بقلمي : 
ريحانة الشام : مريم كباش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق