انا .. والقافية
سألني صديق عزيز
لا أراك تشارك في السجالات الشعرية .
قلت :
لا ألهث خلف القوافي .. لا أسعى اليها .. فربما أتتني هزيلة عرجاء قزما.. تغطي وجهها المساحيق .. بل أدعها تسعى الي .. هيفاء منتصبة القامة عذراء حافية القدمين .. أنادم معانيها مضمخة بشذى الأزهار.. منداة بندى صباح ربيعي عطر .. فأنثرها قصائد عصماء .. اذا أنشدها الدهر ترنح
و في ذلك أقول :
من البسيط .. و القافية من المتراكب
تأتي القوافي و قلبٌ في الهوى وجَـدا
..................................... تسعى اليهِ .. و لا يسعى لهـا أبـــدا
و ساكنٍ في حنايـــــا الروحِ يسألـُـه
.....................................نادى السجالُ فقم ! .. لِمْ لَمْ تلبِّ ندا ؟
فقال مبتسمًا .. و الفخـــرُ يملـــــــؤهُ
.....................................لا.. ما تحديتُ يومـًا في العلى أحدا
لـــكنُّه .. يردُ الهيجـــا .. فـيــوردُها
.....................................سوابـقَ الخيلِ .. يُزجيها كطلّ ندى
عــذبُ القـــوافي تأتيـــــــهِ مهرولـــةً
.....................................يســابقُ اللفظُ منهـا الروحَ والجسدا
ويطلـقُ الحرفَ زيتونًا وغصنَ هوى
.....................................لو تـوردُ النــارُ في هيجائه .. وردا
ويجـــردُ الحرفَ نـورًا يستضــاءُ به
......................................حتى يكونَ لأصحـابِ النهى ســندا
تأتي المعـاني هزيلاتٍ .. بها قصرٌ
......................................فتستحيـــل على أعتابِـــه .. مُـردا
يصوغُها شاعرٌ تُسقى بكاسَ طـــلى
.....................................فيعتـلي صهــوةَ التاريــخِ .. منفردا
هي المعـاني .. جمالُ الـروحِ في جسدٍ
....................................فكيف تصلـحٌ روحٌ ..غـادرتْ جسدا
هيفـاء ترفـلُ .. فيمَ القـدُّ منتصــــــبٌ
..................................والشهدُ في راحتيهـا..كم روتْ صرِدا
لا يسبـُكُ الشعرَ .. الا ريثَ يسكبُــهُ
..................................حرفـًا نديــًـا .. فيـأتي الشعـــرُ متئــدا
تعنقـدت من جميـلِ الحرفِ نضَّـــدها
...................................لآلئــــًا نُظمـــتْ في الســــلكِ فانـعقدا
قد أشعلــتْ في الفــؤادِ الشوقَ متقـــدًا
...................................لو لامسَ الحجـــرَ الصـوانَ ..لاتقــدا
لا بــاركَ الله في فكــــرٍ .. و قافيــــةٍ
...................................ان لم تكـنْ من رحيقِ القلبِ لي مددا
تـأتي البـلاغةُ ..الا وهــيَ صــاغـرةً
....................................لكي تكـونَ لصافي الـروحِ مبتــردا
قلائـدًا من جمانٍ ..ان زهـتْ تركتْ
.................................... قلبَ المشـوقِ الى أبيــاتِها صـــرِدا
رقَّــتْ فـراقتْ .. بلفظٍ أذنَ سامِعِها
.....................................والقلـبُ ان لامسـتْ أطـرافَه..ابتردا
لآلئ .. زينـت عنـقَ الحسـانِ بــــها
....................................وعـلقت فـوقَ صدرٍ العاشقٍ الزُردا
ففي الحـواشي..تلاقى الحسنُ مؤتلقًا
....................................وضلَّ عنهــا قبيــحُ الحشـوِ مبتعــــدا
فان أتـتْ .. فلقد جــاءت مغـــــردةً
....................................من خمــرِها ثمـــلَ التاريـخُ .. فاتَّأدا
يسابقُ الحـرفَ منها الفكـرُ متزنـــــًا
.....................................ما أروعَ الحـرف فيمَ القلبُ قد وجدا
ما ردّد البعضُ شعرًا..أو روى حكمًا
.....................................الا وكانَ لأشعـاري الـرواةُ صــدى
فرائـدٌ ما خـلت ..من مفــردٍ غــــردٍ
....................................أو عـارضٍ هطـلٍ .. أو شاردٍ شردا
هي البراكـينُ كم قد زلـزلتْ جبـــلا
......................................وهـدَّت الحممُ الأعـدا .. فما صمـدا
كالنسرِ في الأفق..قد ضاقَ الفضاءُ به
.....................................يعلــو وصوتٌ له في الأفق قد رعدا
يطيـرُ يسحبُ ذيـلَ الشمسِ متَّئــــدا
...................................يكـــادُ يمتـلكُ الجـــوزاءَ .. منفــردا
حتى اذا ضاقَ عنه الساحُ ما رحبـت
....................................يـروحُ يفـردُ جُنحـًا بالعـــلا انــفردا
....
يالليــالي دجـت .. و النجـم مؤتــلقٌ
........................ ............أرسى القـواعدَ من أطيـابِه عِــــــددا
يُهــدي القـوافيَ أقمـــارًا و ينثرهــا
............................ .......شمسًا أضاءَت .. فولَـت ظلمةٌ بــددا
ويـومضُ الفكـــرَ احيانــا فيشعلـــــه
.....................................نيازكًا .. قد أنـــار اَلكـون .. فاتـقـدا
غـدت نجومًا و أفلاكًا حكتْ شهبــًا
.................................... تـــلألأت في سماءِ اللهِ نــورَ هـدى
أوارُهـا الغيــدُ معنى راحُ ينشدهــا
................................. .. لطالما الدهــر غناها .. بألـف صـدى
ولي فـؤادٌ .. رهيفٌ باتَ منفتحــــًا
.....................................لو لم تلامسْهُ أشـــواقُ ..لما وجـــدا
تعلـو الى سامقٍ روحي وقد طمحت
.....................................أن تمنــح الماء عذبًا كل من صـردا
لطالمــا قد حمـلتُ الودَ في مهــجـي
......................................فذقته اليـوم ممذوقــًا بكـــــاسِ ردى (*)
كم تطمحُ النفس في نيلِ العـلى شرفًا
.......................................حتى تكـونَ لنارِ الفكرِ.. كبشَ فـدا
.....
خالد ع . خبازة
اللاذقية
(*) الممذوق : من مذق .. مزج و خلط .. والممذوق اللبن الممزوج بالماء
و يقال : فلان يمذق الود .. أي لم يخلصه ..
وود ممذوق .. أي ود عكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق