السبت، 11 يوليو 2020

ابراهيم عبد الكريم ( في زورق النور )

فِي زَورقِ النُّورِ

لَاحَت من الغَيبِ شمسٌ تطردُ الشَّفَقَا
تُرجِّـعُ الصُّبحَ لمَّــا غَــــابَ وانْطَلَقَــــا

تُعَـــــانِــقُ الغَيْمَــــةَ الحَسْنَـاءَ تُلبِسُها
ثَوباً من الضَّـــوءِ يَكْسُــو نُورَهُ الأُفُقَا

فِي مَهْبَطِ الوَحْيِ تَبْنٍي وكْــــرَ عُزْلَتِها
كَمَا بَنَى وَكْـــرَهُ الفِينيقُ واحْترقــــــا

لَهَـا مِـــن اللَّحْــــنِ قِيثَـــارٌ وأغْنِيَـــــةٌ
تُمَوْسِقُ الحَرْفَ في اللَّاوعْيِ إن نَطَقَا

غَنَّتْ لِأَهْلِ الْهَـوَى فِي الشَّوْقِ أُغْنِيَــةً
لَمَّــــا دَنَتْ وَسَنَاهَـا فِي السَّمَـــا شَرَقَا

فَذَكَّرَتْنِـي بِلَحْــــنٍ كُنْـــتُ أَحْفَظـُـــــهُ
مُذْ كُنتُ طِفْلاً بِحِبْرِي أُفْسِــــدُ الْوَرَقَا

دَخَلْــتُ فِــي حَانَــــةِ الْعُشَّاقِ مُفْتَقِداً
وَصْــلَ الْحَبِيبِ وَقَلْبِي بِالْهَـوَى شَهِقَا

حَدَّثْتُهَا عَــنْ أٌمُـــــورٍ لَيْسَ يَفْقَهُهَــــا
سِـــوَى لَبٍيبٍ بِرَكْــــــبِ الأتْقِيَا لَحِقَــا

أَخْبَرْتُهَا أَنَّ قَلْبِـي طَـــارَ فِــي شَغَــفٍ
كَطَائِـــرٍ فِي عَنَـــانِ الأُفْــــقِ وانْفَلَقَـا

فَصَارَ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ مَاتَ مُنكَسِـــــرَاً
والنِّصْفُ فِي شَرَكِ الأَشْوَاقِ قَدْ عَلِقَـا

نَحُلْتُ حِينَ عَرَانِي الْوَجْدُ عِشْـتُ بلَِا
جِسْمٍ وَصِرْتُ أُقَاسِي الهَمَّ والْأَرَقَــــا

هَرَبْتُ مِـــنْ جَبَرُوتِ الْوَهْــــمِ مُتَّجِهَاً
لِبَرْزَخِ الْحَقِّ أَبْغِي الْعَيْشَ وَالرَّمَقَــــــا

ْحَتَّــى أُلَمْلِــــمَ قَلْبِـي ثُــــمَّ أُسْكِنــــهُ
بَيْنَ الضُّلُـوعِ وَأَبْنِي حَوْلَــــــهُ نَفَقَــــا

جَعَلْـــــتُ مِسْبَحَتِي حَبْـــلاً يُوَصِّلُنِي
إِلَى المَقَامَـــاتِ حَتَّى أَلْمَسُ الأُفُقَـــــا

حَمَلْتُ رُوحِي على نَعْشِ الزَّمَـــانِ بِهِ
أَسِيرُ حَيْثُ يُقِيمُ الأَهْــــلُ وَالرُّفَقَـــــا

فَتُهْتُ فِي مَلَكُوتِ السُّكْرِ حِينَ سَـرَى
بِي زَوْرَقُ النُّورِ خَلْفَ السِّتْرِ وانْطَلَقَــا

لَمَحْتُ زَوْجَاً مِنَ الْعُشَّاقِ قَـدْ خَرَجَــا
مِنَ الْمَغَـــارَةِ قُــرْبَ الشَّطِ وافْتَرَقَـــا

أَحْسَسْـــت أَنِّي بِـوَادِي الْبَيْــنِ أَعْبُرُهُ
لَمَّــــا سَمِعْـــتُ غُرَاباً قُرْبَنَـــــا نَعِقَــــا

أَمْوَاجُــــهُ عَرْقَلَــــتْ دَرْبِي وَقَافِيَتِي
سَكْرَى كَعَاصِفَةٍ تَسْتَرْجِفُ الْوَرَقَــــــا

طِينٌ أَنَا قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِي جَسَدِي
وَهَلْ يُرَى الطِّينُ فِي الأَمْوَاجِ إِنْ غَرِقَا

لَزِمـــــتُ صَوْمَعَتِي بِالذِّكْرِ مُنْشَغِــــلاً
وَسَــــوفَ يَنزِلُ قُرْبِي كُلَّ مَن عَشِقَــا

جَهْرَاً عَبَدْتُ حَبِيبَ الْقَلْبِ مُذْ هَتَفَـتْ
أَوْتَارُ وَجْدِي وَنَبْضِي بَاكِيَاً صَعِقَـــــــا

وَقَـدْ كَفَـــــرْتُ بِطَاغُـــوتِ النَّوى عَلَناً
وَعُــــــدْتُ لِلتَّوِّ دِينَ الْوَصْـــلِ مُعْتَنِقَا

إبراهيم عبدالكريم محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق