قصة بعنوان ( في ذاكرته)
في الحافلة التي تقلُّهم إلى المجهول كانت مشاهد القيامة التي قامت على مدينته بالأمس تتجمع في ذاكرته تأبى أن تغيب ولو للحظةٍ حاول فيها التقاط أنفاسه التي غادرته بالأمس مراتٍ ومرات
أصواتٌ وصورٌ لم يألفها من قبل وان كان فليس بذات الطريقة وتفاصيلها
تكبيراتٌ تعلو في المساجد ، أمواجٌ من حاملي السلاح يمرون من تحت شرفات المباني ، سياراتٌ تقف في منتصفات الطرق ينزل منها أشخاصٌ لا يعرفهم، أصوات رصاص وقذائف تعلو وتزداد
معركة حقيقية داخل المدينة
طائرات تحوم في الجو ، أصوات انفجارات هائلة ، مباني تسقط ، دماء تسيل، أناسٌ تحت الأنقاض ، فرقُ بحثٍ عن ناجين ، أطراف مقطعة ، جراحٌ تنزف، مشافي تعج بالقتلى والجرحى
منهم أصحاب لحى طويلة ومنهم أطفالٌ ونساء
عائلاتٌ في الشارع لم يعد لها مأوى ومنذ ساعاتٍ كان يلمهم بيت
خلال ساعات اختلط كل شيءٍ مع كل شيء
أناسٌ تبكي وأناسٌ تضحك
منهم قال ذلك انتصار ومنهم من فهمه دمار
المهم الآن هو في الحافلة التي تقلهم الى المجهول في الصباح الباكر من يوم القيامة الثاني
أدار سائق الحافلة المذياع ليسمع خبراً عن قيامة مدينته
فاذا بصوت فيروز يحكي قصتها مع شادي الذي ضاع منها منذ خمسين سنة ولا زالت تحكيها لنا مع كل صباح
تذكر كم ضيَّع من أشخاصٍ وأشياء
شادي وفادي وهادي و........
والوادي وأطراف الوادي وأصبح منذ اليوم مشرداً بعيداً عن الأرض والأهل والوادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق