( الفخر يطلبني )
( وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ)*١
ذاكَ السكونُ وهذا البحرُ يَضطرِمُ
وليس يعدِل غُصنا زاهِيا نضِرا
قفرٌ هو القلبُ في صحرائِه وَجَمُ
فتغرَقُ الروحُ سكرى في شقاوتِها
وانتَ تنكرُ ما ألقى وتنتقِمُ
إن كان لي حُجَّةٌ أرمي الظلومَ بها
فلاتَ يَحمِلُ من بلواي من يَصِمُ
ويحكُمُ الدهرُ والأحبابُ يهلِكُهم
دربُ الفُراقِ جَثَت من هَوْلِها القدمُ
فليس ينفعُنا ما قد نرى سنَداً
ومن سيملأُ هذا القلبَ إن عُدِموا
بئسَ الوشايةُ ما أبلَت مودتَكم
فليس يحسِدُ الّا العاذلُ السقِمُ
أو كان جرَّحَنا والقصدُ فرقتُنا
نبقى على العهدِ ما أرسى بنا الألمُ
وأنتَ تهزأُ بالآهات أُطلِقُها
من أينَ للقلبِ جُلاسٌ ومُحتَكمُ
وكيف يشكو وهل للظلمِ مرحمَةٌ
ومن سيقتَصُّ ممن أمرُهُ شَمَمُ
فلا يغرنْكَ قلبٌ في جسارتِهِ
إن غادَرَت روحُهُ واستثقَلَتْ قدمُ
كأنها حجُبُ الأحزانِ مثقلةٌ
تغشى المباصرَ فالدمعاتِ منها دمُ
عذرا لروحٍ - وللألبابِ غفلتُها -
مُذ خالطَتْها ظنونٌ أنَّها العلَمُ
فإنَّ لي من بديعِ القولِ أحجِية
قد أعجَزَت ما سواها كيفَ تنتظِمُ
تهيمُ كلُّ القوافي في مسارِبِها
فإنْ دعَوتُ كأني بيتُها الحرَمُ
ولي عليها طقوسٌ تستنيرُ بها
ولي بها بعضُ مسٍّ راحَ يحتدِمُ
إذا تغشَّت فؤادا فيك غفلتُها
وخادعَتْكَ ظنونٌ منكَ ترتسِمُ
ورُحتَ تهزأُ بالدنيا وبُهرُجِها
سيان عندك إنْ اصبحتَ والعدَمُ
أنا الثريا إذا ما جئتَ تقصِدُني
أنّى نظرتُ لها من نظرتي كلِمُ
فإن سريتُ فإنَّ الفخرَ يطلبُني
ويتبعُ الخَطوَ مني السيفُ والقلَمُ
إذا لقيتَ ديارا سادَ أرذلُهُم
وأقصروا فيكَ حيث استُقبِحَ الكرمُ
وليس يحفلُ منهم ما أردتَ لهم
ولا مروءةُ لا أمجادُ لا قيمُ
فشدّ رحلكَ للعلياءِ بغيتُها
ولا يغرَّنْك من راحوا ومن قدِموا
واصنَع لنفسكَ مجداً أنتَ آخرُهُ
(وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ)
------
*١* ما بين هلالين من قصيدة المتنبي
--------------------
جاسم الطائي
الجمعة، 27 ديسمبر 2024
( الفخر يطلبني )شعر..جاسم الطائي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق