الخميس، 18 مايو 2023

أُنْشُودَةُ الأَحْيَاءِ.. الشاعر...أبو مروان السعيدي


 أُنْشُودَةُ الأَحْيَاءِ


هَلْ يَجْهَلُ العَقْلُ مَافي دَاخِلي يَجْري ؟

                         أَمْ إنَّهُ تَائِهٌ يُدْرِي ولَا يَدْرِي


كَيْفِ الخَلَاصُ ؟ وَمَنْ يَارُوحُ يَصْحَبُني ؟

                   إنِّي لأَعْجَبُ مِمَّا دَاخِلي يسْرِي !


تَرَنَّحَ البَالُ والأَضْوَاءُ خَافِتَةٌ

                 وَلَمْ تَرَ العِيْنُ إلَّا العَالَمَ السِّرِّي


كُلُّ الكَآبَاتِ حَطَّتْ فَوقَ نَاصِيَتِي

              وَمَوْكِبُ البُؤسِ مَحْمُولٌ عَلَى ظَهْرِي


تَجَاذَبَتْنِي كِلَابُ الصَّيْدِ قَاطِبَةً

           وَوَابِلٌ مِنْ سِهَامِ المَوتِ في نَحْرِي


وأَرْتَمِي فَوقَ أَحْزَانٍ مُجَمَّدَةٍ

           واللَسْنُ مَعْقُودَةٌ في غَيْهَبِ الأَسْرِ


هَبَّتْ رِيَاحُ الأَسَى في كُلِّ أشْرِعَتِي

                تَنَاثَرَتْ بَيْنَ مَدِّ البَحْرِ والجَزْرِ


كَفَاكَ يِاعَقْلُ إذْلَالًا تُجَرْجِرُنِي

            لَا خَيْرَ فيْكَ إذَا لَمْ تَتَّبِعْ أَمْرِي


لَا يَخْدَعَنَّكَ مَنْ تَرْجُو مُصَاحَبَةً

           لَو أَنْتَ مَيْتٌ لمَا وارَاكَ في قَبْرِي


أَأَتَّخَذْتَ الَّذِي مَابَيْنَنَا هُزُوًا ؟

             وَقَدْ أَخَذْتَ عَلَى إقْرَارِنَا إصْرِي


حَدَّقْتَ نَحْوي بِلاَ وَجَهٍ ولَا أَمَلٍ

             ثُمَّ تَوَارَيْتْ عَنِّي أَسْفَلَ القَعْرِ


أَقْعَيْتَ مِثْلِي جَبَانًا أَنْتَ تُشْبِهُنِي

               وَرُوحُ أَبْلِيْسَ في أَوسَاطِنَا تُزْرِي


  يَاقَلبُ لَا تَمْلأَ الأحْزْانَ قَدْ ثَقُلَتْ

              اقْذِفْ نُفَايَاتِكَ السَّودَاءَ في البَحْرِ


دَعْ صُحْبَةَ الشُّؤْمِ حَاذِرْ مَنْ تُخَالِطُهُ

               مَاذَاكَ إلَّا رَبِيْبٌ عَاشَ في حِجْرِي


انْهَضْ إلى رُشْدِكَ المَسْلُوبِ مِنْ زَمَنٍ

                    إنِّي أَرَاكَ عَدِيْمَ الحِسِّ والفِكْرِ

    

أَسَاذِجٌ أَنْتَ تَعْدُو خَلفَ أَقْنِعَةٍ

               هَلْ مِنْ لُهَاثِكَ أَمْ مِنْ نَشْوَةِ الخَمْرِ


لَا يُثْمِرُ القَولُ في رُوحٍ بِلَا عَمَلٍ

                   إلَّا كَمَا تُثْمِرُ الأَشْجَار في القَفْرِ


أَلَا تَرَى أُمَّنَا بِالضُّرِّ عَارِيَةً

                  لَكِنَّهَا لَمْ تَزَلْ كَالكَوكَبِ الدُّرِّي


وَجَدْتُ فِيْهَا شُمُوخِي كَيْفْ أَهْجُرُهَا

              وَالرُّوحُ مَشْدُودَةٌ في حَبْلِهَا السِّرِّي


تَنَفَّسَتْ رِيْحَةَ الأَمْجَادِ مِنْ رِئَتِي

        وَاسْتَنْشَقَتْ نَخْوَةَ الأَحْرَارَ مِنْ شِعْرِي


حَقًّا لهَا الوصْلٌ مِنِّي لَا أُنَقِّصُهُ

       عَاهَدْتُها صَادِقًا  فَاسْتَمْسَكتْ  عَشْرِي


وَإنْ تَكُنْ جُثَّتِي بِالرَّمْسِ قَابِعَةً

             ِفإنَّ أُنْشُودَةُ الأَحْيَاءِ في صَدْرِي


حَتَّى وَإنْ طَوَّقَتْنِي كُلُّ كَارِثَةٍ

                    فَإِنَّهَا كَسَرَابٍ لَمْ تَنَلْ صَبْرِي


وَرَاوَدَتْنِي الَّتِي في بَيْتِنَا شَغَفًا

             وَغَلَّقَتْ بَابِنَا في قُفْلِهَا السِّحْرِي


لَولَا وَجَدْتُ طَرِيقَ اللهِ مُنْجِيَةً

                لَكَانَ حُمِّلْتُ مِنْ أَثْقَالِهَا وَزْرِي


وَأَنْكَرَتْ صَوْتَ مَنْ نَادَى

لِتَبْرِئَتِي

                 بَاقَتْ بِأَنَّ قَمِيْصِي قُدَّ مِنْ دُبُرِ


قُولُوا لِمُسْتَكْبِرٍ إنَّا لنَا حَكَمٌ

           يَوْمَ انْسِحَاقِ الدُّنَا في سَاعَةِ الحَشْرِ


لَسْتُ الِّذِي يَرْتَجِي بِالذُّلِّ لُقْمَتَهُ

                 وَإنْ تَوَلَّى طَعَامِي لَا يَنَلْ قَدْرِي


لَا أَسْتَجِيْرُ لِنَفْسِي مِنْ بَشَاعَتِه

              إنِّي صَبُورٌ لحَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ


وَلَا انْكَفَأْتُ مُهَانًا تَحْتَ رَحْمَتِهُ

             وَمَا انْحَنَتْ هَامَتِي العَليَاءُ بِالقَسْرِ


لَيْسَتْ رُؤَى النَّاسِ في التَّدْبِيْرِ وَاحِدَةً

                 شَتَّانَ مَابَيْنَ فِكْرِ العَبْدِ واَلحُرِّ


سُبَْحَانَ مَنْ تَقْهَرُ الإنْسَانَ قُدْرَتُه

                 مَااسْتَحْكَمَ العُسْرُ إلَّا جَاءَ بِاليُسْرِ


يَارَبِّ إنَّا ظُلِمْنَا كُنْ لنَا مَدَدًا

                 عَجِّلْ بِنَصْرٍ لنَا وَاشْدُدْ بِهِ أَزْرِي


أبو مروان السعيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق