النفس
شيءٌ تبيّن مخفيًّأ غداةَ بدا
وكم تدثّر ، حتى لا يُرى ، بُرُدا
وغاب خلف المرايا أوجهاً كثُرتْ
ثمّ انجلى فتجلى ، لم يكن جسدا
يُطلّ من حُجُبٍ رقَّتْ فما خَفِيَتْ
و ليس تُخفي و لكنْ لا تَرى أحَدا
تَرى وتبصرُ ، إنْ لم تعمَ ، باصٍرةٌ
تظنّه حَمَلا ً لا لم يكنْ أسدا
تخال فاتنةً في الأفْقِ باسمةً
ترنو إليكَ و تومي للذي غُمِدا
عقلي وقلبي وروحي كلُّها اجتمعتْ
في حبِّها حينما مَدّتْ لهنَّ يدا
ورُعْنَ منها قُبَيلَ الوصلِ فانكمشتْ
فرُحْنَ يلْمِسْنَها لكنْ لمسنَ سُدى
فقرَّبتْ نحوَهُنَّ المالئاتِ ندى
من كلِّ داليةٍ و الباعثاتِ صدى
لكنَّهُنَّ و فيما كُنَّ من وَلَهٍ
بلْ كُنَّ في وجلٍ ما كان بل وُجِدا
آثرْنَ إخفاءَها لا دُرَّةٌ كُشِفتْ
لمّا توهّج منها الوجهُ و اتّقدا
بل دُرّةٌ من جبينِ الشمسِ ساطعةٌ
و فَحْمةٌ من لهيبِ الجمرِ مُبتَرِدا
تحارُ من ضوئها بل فرطِ دُكْنَتِها
أنجمةٌ سطعتْ أم كوكبٌ خَمَدا
سوداءُ بيضاءُ و الألوانُ بينهما
و كلُّ لونٍ له منها الذي شَهِدا
تعلو و تهبطُ مثلَ الفُلكِ إن عصفتْ
بالموج ريحٌ و موجُ البحرِ قد رَكَدا
تتيهُ غُنجًا و إن أخفتْ مفاتنَها
و قد يتوهُ بها مَن ضلَّ أو رشَدا
لطيفةُ الروحٍ من عليائها هبطتْ
مثلَ النسيمِ زكِيًّا حطَّ أو صَعَدا
فإنْ أُنيطتْ بنفسٍ هٌذٍّبتْ بتُقىً
راحتْ تُحلِّق تَسْتدْني العٌلا صُعُدا
أو لا، فلا، و تَدَنَّتْ ثَمَّ سافلةً
تهوي و تهوى و تهمي في الهوى بَدَدا
والقلبُ مكمنُ أهواءٍ تَجاذبُه
إنْ شدَّ أرختْ و إنْ أرخى فقد شَرَدا
والعقلُ أحجم لمّا أنْ رأى عجبًا
إذ ليس تعرفُ قانونًا و لا عددا
لكنَّها و بِجَذْبٍ فاقَ قُدرتَه
تُلقي عليه رِباطاً تُحكِمُ العُقَدا
و لا انفكاكَ إذا لم يأتٍهِ مددّ
و كيف يأتيه من لم يطلبِ المددا
هذي هي النفسُ فاستدركْ زخارفَها
لا تخدَعَنَّكَ أو تستوثقَ العُدَدا
م. نواف عبد العزيز
أبو عبادة
16/6/2023
الثلاثاء، 8 أبريل 2025
النفس... بقلم...م. نواف عبد العزيز أبو عبادة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق