السبت، 4 مارس 2023

إلى ولــدي == الشاعر حسن منصور


 إلى ولــدي

=============------------- الشاعر حسن منصور

*************

نَصحْـتُكَ فاسْتمِعْ يا ابْني لِنُصْـحي  || فـليسَ سوايَ في  الدّنْيا  نَصـيحُ

لأنّـكَ قِــطــعـةٌ  مــنْ أمِّ  قــــلـبي  ||   وهـــلْ أرْتـاحُ إذْ  قَـلبي جَريحُ؟

وهــلْ أغْــفـــو ويَهــنأُ لِي مَـــنامٌ   ||    وأنْتَ بِخاطِـري طـيْـفٌ يَلـوحُ

يُنــاديـني، يَمُـــدُّ يَـديْــه نَحْــــوي   ||   ويَفْــصِـلُ بـيْـنَــنا بَحـرٌ فَـسيحُ

ولكنْ رغْـمَ بُعــدِكَ عن  عُـيونِي    ||  فـإنّ الصّوتَ في قـلبي  يَصيح

وكــمْ ناديْـتَــني إذْ أنتَ طــفـــلٌ     ||  لكيْ أحْمـيكَ  لـوْ هَزّتْـكَ ريـح

وكمْ لبّـيْـتُ صـوتَـكَ غــيـرَ وانٍ    ||  وكـمْ لبّـتْكَ قـبْلَ الصّـوتِ روح

فحَــطّـمْـتُ الصّخــورَ بلا كَلالٍ    ||   بِكــفٍّ لا تُبـالِي مــا الْجُـروحُ

ومَهّــدْتُ السّـبـيلَ بكلِّ جُـهــدي    ||  لِتَعْــبُـرَهُ وخــطْـوُكَ مُـستَريـحُ

ولم أبْخـلْ عـلــيكَ بِنَـبْضِ قـلبي    ||  ونُصْـحٍ مُشـرِقٍ فـيه الـوُضوح

نصَحـتُـكَ أنْ تكونَ عـلى يَقــينٍ   ||  بأنّ العـلْــمَ  مـنْهَـجُـنا الصَّحـيح

وأنَّ الفــوْزَ ذو طــعْــــمٍ زَكِــيٍّ   ||  يَـراهُ مُــثـابِرٌ صَلْــبٌ  لَـحـــوح

ولَـمْ يَشْرُفْ بِغـيـرِ العلــمِ سـاعٍ   ||  ولا قامـتْ عـلى الدّنيـا صـُروح

وقدْ رَبّيْتُ روحَـكَ في التّسامي   ||  وفي الأخْلاقِ يَصْحَبُها الطُّمـوح

لكي تَمْضي  رَشيداً  مُطْمـئـنّاً     ||  إذا مـا كـنـتَ تَـغــدو أوْ تَــروح

فخُـذْ قِـيَماً غَـذتْكَ وأنتَ طـفْـلٌ    ||  لتَحْــيا لا يُـــراوِدُكَ الْجُــــنـوح

وخُـذْ منْ جَـذْوَةِ الإيِـمانِ نوراً    ||  فـفـيهِ ـ إن دَجـتْ ظُـلَمٌ – فُـتوح

وليْـسَ الــدّيـنُ زِيّــاً نَرتَـــديـه    ||  ولا الإيِمــانُ تصْـنَعُـهُ الْمُـسوح

ولكـنْ في حَــنايا القـلْــبِ نورٌ    ||  بـه يَـسْــمـو، وأخْــــلاقٌ وروح

فَسـِرْ واعْملْ وبادِرْ كلَّ خَـيـرٍ    ||   ولا تَظْهـرْ كما ظهَــرَ الكَـسيح

وإنْ مَـنّـيْـتَ نـفـسَكَ أيَّ شيْءٍ   ||    فَخُـذْ مـا يَفعلُ  الْحُـرُّ الصَّريح

وحَـقِّـقْ مـا تُريدُ بِكَــدِّ ذِهــنٍ     ||   وكَــفٍّ لا تُغــادِرُهـا القُـــروح

كذا فِعْـلُ الرّجالِ إذا اسْتَعـدّوا    ||    لَهـمْ عَـــرَقٌ رَوائحُـهُ تَـفــوح

وكمْ رزَحتْ نفوسٌ تَحتَ وَهْمٍ    ||    فـحَــوّلَها عَـبـيـداً ذا الـرُّزوح

وسارتْ في طريقٍ غـيرِ هادٍ     ||    وعـنْ كـدْحٍ إلى العَـليا تُـشيح

وكمْ من هـائِمٍ عــثَرَتْ خُطاهُ     ||    فـيبْقى العـمرَ في الدُّنيا يَسيح

يُمَنّي النّفسَ والأحْـلامُ تَتْـرى     ||    ومُهْـرُ الوَهْـمِ مُنْطَـلِقٌ جَموحُ

يَـسيرُ بــه إلى لُــجِّ الأعــالِي     ||  وفـوقَ السُّحْبِ يأخُذهُ الْجَموحُ

بـلا  نَهْــجٍ ولا نـورٍ مُـبـيـنٍ      ||   ولـيس لـهُ حِجىً هـادٍ كَـبــوحُ

فيا ابْني لا تَكـنْ تبَعــاً مَقوداً      ||   فـذلكَ بالْـمُــروءَةِ قــد يُـطـيحُ

وحــاذِرْ كُلَّ شـيْطانٍ مَــريدٍ       ||  تَنـكّـرَ كي يُـقـالَ لَــهُ (مَسـيحُ)

لهُ قـلـبُ الْمُنافِــقِ فهْــوَ زاهٍ       ||  وفي الْخَـيراتِ مَذْهَـبُه شَحـيح

إذا يومــاً تَكلَّمَ فــهـوَ (قَسٌّ)       ||   يَشُـدُّ النّاسَ  مَنطِـقُه  الفَـصيحُ

وغايَـــتهُ بـأنْ يُومَى إِلــــيهِ       ||   ويَخــطُبُ كيْ يُكالَ لهُ الْمَديح

وما ضَحّى لوَجْهِ اللهِ شـيْـئاً       ||   سوى قــوْلٍ وأجْـفــانٍ تَنـوح

وقَـوْلٌ دونَـمـا فِعــلٍ نِفــاقٌ       ||   شَـبـيهُ السُّـمّ يُــرْســلُهُ فَـحـيح

ولا تأمَلْ من الشّيْطانِ خيْراً      ||   فإنّ القُــبْـحَ يَفـعَــلُـه القَــبـيح

وكُنْ كاللَّيْثِ تَرهَبُه الضّواري    ||   وتَحْــذَرُ أنْ تُجـاوِزَ ما يُبـيـحُ

ويا ابْني عِـشْ قَـويّاً مُسْتَقلاًّ       ||   فإنّ الْحَـزْمَ في الدّنْـيا مَـلـيح.

*****************************************************************

الشاعر حسن منصور

من المجموعة السادسة، ديوان (عندما يكبر الأسى) ط2 ـ 2014م. دار أمواج (عمان)ـ ص 75

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق