أَخـي دُشَـين.. بقلم الشاعر... بشير عبد الماجد بشير

 أَخـي دُشَـين

*************

الأستاذ الدكتور بابكر البدوي دُشـين

عميد كلية اللغة العربية بجامعة أمدرمان الاسلامية .

________

لَـطَمتْ عليكَ خُـدودَها الفُصحى الَّتي 

فقدتْ بفقدِكَ  قِبلةَ القُـصَّـادِ

وبَـكى الـنُّحاةُ عليكَ كُنتَ نَديـمَهم 

ورأَوكَ بينهمُ من الأَنـــداد

أَمَّـا الـعَروضُ فشيَّـعتكَ بُـحُـورُهُ 

مَفْـجوعةَ الأَسبابِ والأَوتـاد

يَـسَّرتَ أَنت عـسيرَهُ وبــذَلـتَـهُ 

للدَّارسـينَ  وطـابَ للـوُرَّادِ

والـمَجْمعُ الُّلـغويُّ  أَظـلمَ لَـيلُـهُ 

إِذْ غِـبتَ عنهُ بفكرِكَ الوقَّـاد

قد كنتَ فيه عن الـمراجعِ  مُـغْنيـاً 

وإِليكَ تَرنـو أَعْـيُنُ الـرُّوَّاد

وإِذا سُئِـلتَ أَجَــبْتَ دونَ  تَـرَدُّدٍ 

بالقولِ فَصْلاً دونَـما إِعـداد

والعلم عندكَ فـي الصُّـدورِ مكانُـهُ 

لا في صَحائِفِ رائِـحٍ أَو غـاد

والشِّعرُ عَـبْدُكَ إِن طلبتَ رَصـينَـهُ 

لَـبَّى وجاءَ إِليكَ كالـمُـنقاد

والـجامـعاتُ عليكَ  طالَ نَـحيبُها 

قد كنتَ فيها واحِـدَ الآحـاد

درَّسْـتَ أَجـيالاً بعلمِكَ تَـزدَهـي 

وتَتيهُ فَخراً  في رِحابِ الـضَّاد

والـمعهدُ العلميُّ كنتَ زَعـيـمَـهُ 

زَمنَ الـحُروبِ عليهِ والأَحقاد

دافعتَ فيهِ عن الـحقوقِ مُـناضِـلاً 

ووقفتَ للأَعـداءِ بالـمرصاد

يا وارِثـاً عِلمَ الـخليلِ وسـيبويـهِ 

 ومُـغـرماً بـخِزانةِ البغدادي

حُـزنـي عليكَ مُـضاعَفٌ وكأَنَّـما 

(ضُـرِبَتْ عليَّ الأَرضُ بالأَسْداد)

بـيني وبـينك يا دُشَـينُ مَـشاعِـرٌ 

 ومَـحبَّةٌ بَـقيتْ على الآمـاد

بَـيني وبَـينكَ يا دُشَـينُ قَـصائِـدٌ 

مَـيَّاسةٌ فـي أَبْـهجِ الأَبـراد

خَـمسونَ عاماً ما لَـقيتُكَ يا أَخـي 

إِلاَّ ومنكَ ظَـفِرتُ  بالإسـعاد

فـي (الفرعِ) كنتَ أَمامَـنا وإِمامَـنا 

ولِرَكبِنا في البيدِ كنتَ الـحادي

كنَّا نَـراكَ وأَنتَ تَـسطَـعُ بَـينـنا 

قـمرَ السَّماءِ وشامِـخَ الأَطواد

ولقد عَـرَفتُكَ  شـاعراً  مُـتَفَـرِّداً 

جَـزلَ القَريضِ وصادِقَ الإِنشاد

ومُـفَسِّـراً ومُـجَوِّداً  ومُـحَقِّـقاً 

ومُـهذَّباً  وتُـعَدُّ في الـزُّهـاد

وسَبحتَ في لُـجِّ الـحواشي باحـثاً 

ومُـنقِّباً لـم تَشْكُ من إِجـهاد

ولقد شَهدتُكَ فـي الـمواقِفِ كلِّها 

شَـهماً كريـما باذِخَ الأَمـجَاد

لـمّا مَرِضتَ صبرتَ مُـحتَسِباً وفي    

مـرَحٍ تُـزيلُ مَـخاوفَ العُوَّاد

ورَحَلتَ في ثِـقَةٍ بِـربِّكَ هـادِئَـاً 

وكأَنَّـما تَـمضي إلـى ميعـاد

يا صاحِـبي  وحـبيبَ قلبي  والَّذي 

ذِكْـراهُ تَنسَـخُ فُرْقَةَ الأَجْسـاد

مالـي سِوى دمعي عليك وحَسرتـي 

وطَـويلِ فقدي يا أَخـي من زاد

وكَمِثْلِما قـد كنتَ تَـفعلُ دائِـماً 

أَتْلو الصَّلاةَ على الشَّفيعِ الـهادي

صَـلَّى عليهِ  الَّلهُ  جَـلَّ جـلالُـهُ 

مـا غَـرَّدتْ ورقـاءُ في الآمـاد

والَّلهَ أَسـاَلُ أَن تـكونَ جَـليسَـهُ 

في صُـحْبةِ الأَبـرار والـعُـبَّادِ.

++++

بشير عبدالماجد بشير

السودان

من ديوان ( مع الاحباب الراحلين .)