درة الزمان ..ملحمة الضاد.. لغة القرآن
في اليوم العالمي للغة العربية .. الموافق الثامن عشر من كانون الأول .. كنت نشرت القسم الأول . من قصيدتي
درة الزمان
و أنشر الآن القسم الثاني منها و عنوانه
القسم الثاني .. بعنوان
مناقب الضاد و تميزها .. المجاز و الاعجاز
من أول البسيط .. و القافية من المتواتر
صروحها المفردات الغر شامخـــة... تشدو بها الضــاد .. والدنيا تغنيهــا
اذا الجمـــــالُ تراءى في مطابقــةٍ ... أثنى عليـــها التفــاتٌ في تثنيـــهـــا (*)
ما يُنطقُ الحرفُ منها فانثنى عبقُا ... الا تعطرتِ الدنيـــــا .. و أهلـــوها
قد اسكرتنا استعاراتٌ بها انطلقت ... كأنمــــا صَبَّ كاسَ الــراحِ ساقيــها
هي البيانُ تجلى في الدنــا صــورًا ... كم يثمل الدهر سحرًا حين يرويها
اذا التقـــاسيم فيهــا.. ثـــجّ وابلــها ... تنــــاثر العطر منداحا .. يغنيها (*)
لا يشرقُ الحسنُ الا في استعارتِها...و لا السلافةُ الا في تكنّيـــــــــــها (*)
فللكنــــــايةِ حــظٌ في معـــــــادلة ... تراهـــا تأتلق الألفــــــاظُ تمويها (*)
اذا التطابـــقَ فيها زادها ألقـــا ... فللجنـــاسِ حديثٌ عن تجليـــها (*)
يجانسُ اللفظ ألفاظـــًا فتحسبــــها ... شهدًا تذوَّب .. أو خمـرًا يروّيها (*)
تعلو الفصاحةُ و الفصحى لها مددٌ ... فيعجزُ الحرف عنها في تعاليها
كم شاعرٍ صاغَ من أصدافِها دررًا... وغاصَ في مفرداتٍ تزدهي تيها
يفـــوهُ بالحرفِ مزدانــــًا بمفــردةٍ ... كلؤلؤٍ صاغها الرحمــن في فيها
ما أسكر الفكرَ منها ..مثلُ أحرفـــها ... كل اللغــاتِ تـراها جُمِّعت فيـــها
ما أفصح الصبح الا عن شواردها ... و راح ظاهرها .. يبدي خوافيها
لا يشرق الحرف الا و البيان بهـــا ... و ينهل السحر الا من مبــــانيها
تجري البلاغةُ فيها جريَ عاصفــةٍ ... باسمِ الفصاحةِ مُرسيها و مُجريهـا (*)
تتوجـــت برؤى الاعجازِ شامخــةً ... فياله من عظيمِ التــــــاجِ يعـــلوها (*)
حرفٌ .. أفــاقَ الليــالي من تثاؤبـها ... والنجـمُ يصحو على أنغـامِ حاديها
صروحُها المفرداتُ الغـــرُّ شامخــة ... تجلو سوادَ الدجى والحسن يُضويها (*)
يضيق مفردها الغــراء عن عــــدد... تُحصى الرمالُ و لا تُحصى معانيها
ما سبَّـــح اللهُ .. الا بأحـــــرفِهـــــــا... و الشمسُ تشرقُ .. الا في تجليهـــا
فما الأزاهيــــرُ الا من حدائقِهـــــــا ... تغــــدو الجنانُ ظــلالا في روابيها
لله من لغــــــــــةِ القــــــرآن أحسنَها ... صنعًا فبان بها الاعجــــــازُ تنويها (*)
قد خصَّها الله بالقــــــرآنِ معجـــــزةً ... تعانــقُ الأنجـــمَ الزهرا و تعلوها
أم اللغاتِّ على الاطـــــلاق ما خفيت ... حسنُ استعاراتِها .. تزدانُ تشبيها (*)
ما الكون كون اذا اختلــــــت معالمها ... و لا الزمــان زمان .. لا يغنّيهــا
لا يٌثمــل الدهر .. الا من مراشفهـــا ... فما الســلافة .. الا في قــــوافيها
و المذهبــات .. اذا ما عُلقت شغلت ... لبَّ اللبيب اذ الأجيـــالُ تحدوها
في ذي المجاز تنادى أوعكاظ بها ... و في المــرابد .. آثــار تغنيــــــها
قد يشرق الحرف مفتـــونا بقافيـــــــة ... فلا تجـــود بها .. الا مراثيهـــــا
هل يسكر الــــراح من عنقود كرمتها ... الا اذا اعتصرته مـــن قــــوافيها
يسابق الأعصر الزهراء حاضرها ... و تستقي الفكر من أشــــذاء ماضيها
تسقي الشوارد منها الـــراح منسكبـــا... يا للثمـــالة .. ما يسقيـــــه ساقيهـــا
لا يُسرج الحرف الا ريث تردفه ... بوافر من شذى الريحان يطريهــــا
أو تشرق الشمس الا من مطـــــالعها ... و ليس تغرب الا والنــــــــدى فيها
فما السلافـــة الا .. فيـض أحرفهـــا ... و لا المدامــــة الا .. من معانيها
و لا الثمــالة الا من نــــدى حكـــــم ... و لا البلاغـــة .. الا في معــــانيها
هل القــــــوافيَ الا فكــــرة ومضت ... غنت معاجمها .. و الوزن يحييها
تكاوس الحسن في أحلى قصائدها ... لما تـــــــكاوس في حسن قـــــوافيها (&)
أضحى المجاز.. دليلا عن فصاحتها ... و للبـــلاغة دَورٌ .. في تجليها
و مذهباتٍ بها الترصيعُ كللـــــــــها ... و محكماتٍ تعاطى الراحَ عاطيها (*)
تسقي الفصاحةُ اعجــــــازًا فتنهــلُه ... فيفصحُ الحرفُ عمــا كانَ تمويها (*)
ما شاءَ ربك الا ن تكـــــونَ ضــيًا ... لا تشرقُ الشمسُ الا من حواشيها
لا يفصحُ الصبحُ الا عن معالِمها ... و الحسنُ يظهــرُ ما تخفي خــوافيها
هذا كتابٌ تعـــالى الله قائلــُــــــــه ... اقرأ كتـــابَك ضادًا .. قاله فــــوها
اني أنا لغة القرآن ما اضطربت ... فيها المعاني .. و تسمو للعـــلا تيها
سال المـــــداد بها نهرا و ساقيــة ... فما تجــف ... و لا ضنتت سواقيها
قد غاص في لجها التــــاريخ منتشيا ... فاستخرج الدر في أسمى معانيها
ما طالها لغة في الأرض قاطبـــة ... و لا استقـــــام لغير ( الله ) بانيها
تباركت كلمـــاتُ الله حافظــــــةً ... أمَّ اللغــــأات .. فلا شيءٌ يــــــوازيها
تسامقت في سمـــاءِ الله مفـــــردة ... و أسرجت شهبَ الابـــداعِ يُغنيــها
تغفو الحضارةُ و الاسلام في لغـة ... تكافأت في رؤاها بعضُ ما فيها
غفت على سدة التاريخ فاتــــكأت ... كتف الحضارة جل الله معليها
تربعت عرش ما تصبو اللغات له ... ما طاولتها لغـــات الأرض تشبيها
كانمــــا الراح رمعصورٌ ربأحرفها ... ما أجمل الراح تُسقـاه ..و يسقيها
....
خالد ع . خبازة
اللاذقية
(*) الاشارة الى ما في لغة القرآن من المحسنات البديعية التي يمكن أن تزيد النص الشعري جمالا
(&) تكاوسن : تكاوس الشيء .. اذا تراكم
و المتكاوس أحد أنواع القوافي و هي كل قافية كان تعداد حركات أحرفها أربع حركات بين ساكنين