الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

اتاني الغدر من اهلي بقلم الشاعر الكبير موسى ابو غليون


أتاني الغَدْرُ مِنْ أهْلي تِباعا ... وَظـَلَّ الـــدَّرْبُ آهــاتٍ ضَيــاعا 
فَكَيْفَ العَزْمُ يا أهْلي سَيَأتي ... إذا كُـنّـا إلى الغَــرْبِ انـْصِيـاعا
وَحينَ الوَعْدُ غادَرْنا كَمَوْجٍ ... وَجــاءُ البَحـْرُ تَرحيـلاً شِـراعا 
نَثـَرْنا جُرْحنــا في كُلِّ رُكـْنٍ ... فَطالَ الدّاءُ في جِسْمي وَشاعا
حُرَمْنا دارَنـا صارَتْ سَراباً ... هــُرُوبٌ حـالـُنـا، صُـرْنا وَداعا
هَدَمْنـا عِــزَّةً كـانَتْ فـَزالتْ ... حَرَقـْنا بَيـْــدَراً، سَـهْلاً بـِقــاعا 
تَظاهَرْنا بِعِشْقِ الأرْضِ لَكِنْ ... لـَبِسْـنا الحُبَّ تـَزْييفــاً، قِنـاعا
وَقـُلـْنا ثـَوْرَتي فاضَتْ رَبيعاً ... فـَكـانَ الـرَّدُّ أشـْـواكـاً تـِبــاعا
وَلا نَدْري إذا ما الأمْرُ غَيْثٌ ... فَصارَ الخـَوْفُ ما فينا طِباعا
هَدَمْنـا ذاتـَنا نـَبْكي وَنـَحْكي ... هَجـَـرْنا أمْرَنـا مَجْداً، قـِلاعــا
هُبـُـوبُ الرِّيــحِ تَأتينـا بِقـَتْلٍ ... وَلا تـَرضى سُكـُوناً وَانْقِطاعا
لِمــاذا نَشْتَكي وَالقـَتـْلُ فينـا ... فـَمَنْ يـا دارُ أدْمـانــا وَبـاعا؟
تَناحَرْنا، وَصُرْنا ألْفَ حِزْبٍ ... فـَدامَ البـُؤْسُ مــا فينـا وَشاعا
إذا الأوْطـانُ نادَتـْنا لِنُعْـطي ... فـَما شِـبْراً مَنَحْنــا، أوْ ذِراعـا
فأعْـدَمْنـا شـَباباً، كـُلَّ جيــلٍ ... حَرَقـْنـا سُـنْبُلاً، دُسْنا اليَراعـا
فَهَلْ للحَرْبُ أنْ تأتي سَلاماً ... وَحَبـْلُ الدَّمْـعِ لا يَـلقى انْقِطاعا؟
شُــعُوبٌ إنَّنــا عِشْـنا بِحِقـْدٍ ... حَرَقـْنا الأرْضَ ألـْهَبْنا الصِّراعا
فـَنالَتْ أرْضُنا هَجْرَاً، عقوقا ... وَصُمَّ القَلـْبُ لا يَرْضى السَّماعا
شُعُوبُ الأرْضِ نَلـْقاها نَعيماً ... وَنَحْنُ البُؤْسُ قـَدْ عِشْنا جِياعا
وَغَيْرُ القَصْفِ لا نَلـْقى دَواما ... سَبيـلُ النـَّوْمِ قـَدْ كـانَ امْتِناعا
فَهَلْ يا شَعْبَنا المِسْكينَ تَرْقَى ... إذا ما الخَوْفُ تَهْوى وَاقْتِناعا 
وَهَلْ تَحْيا خُنُوعاً أوْ رُكـُوعاً ... جُذُوري وَالعِدا يَهْوى اقْتِلاعا؟
لـَظى إيْرانَ أوْ صَهْيونَ فينا ... إلى الأجـْـداثِ تُلـْقينـا تِبـاعـا
تَوَهَّمْنـا بـِــأنَّ القـَلبَ نـَبـْضٌ ... فـَصَـدَّقـْنـا هـُـراءً وَابـْتـداعا
أتـَتـْنا الرِّيحُ فـَيْضاً وَالأعادي ... فـَدَبَّتْ نارُهـا فينـا انـْدِلاعـا 
وَلـَــمْ نَقـْدِرْ عـَلى رَدٍّ لِجَمـْـرٍ ... فـَمَـوْجُ الحِقـْد يَأتينا انْدِفاعا 
نَقـَلـْنا البُؤْسَ مِنْ بَيْتٍ لِبَيْتٍ ... نَثَرْنا الدَّمْع طـولا وارتفـاعا
حـُرُوبٌ أرْضُنـا، مَيْدانُ قـَتْلٍ ... وَصِـرْنا أمـَّـةً نَحْيا صِـراعـا
فَهـَلْ يـا أمَّتـي عُدْنــا لِجَهـْلٍ ... وَهَلْ مِنْ فِعْلِنا كانَ انـْتِفاعـا؟ 
وُلاةُ الأمـْرِ فينـا لـَيْس مِنـّـا ... فـُنُونَ الذَّبْحِ كانُوا وَاخـْتِراعا 
وَقَدْ باعـُوا تـُراباً، كـُلَّ فـَجْرٍ ... فـَصُرْنا سِلـْعَةً، عَبْداً، مَتاعا
وَقَدْ سَلـُّوا لِقَلـْبي ألْفَ سَيْفٍ ... وَمِنِّي يَبْتَغي الرُّوحَ انـْتِزاعا 
فَلاقَتْ سيرَتي ناراً، وَعـاراً ... وَفاضّتْ أمَّتـي وَيـْـلاً، نـِزاعا
كَفانا الأمْرُ، أنْ كُنّا قـَطيعاً ... فَهُبُّـوا الآنَ، لا سَـمْعاً وَطـاعـا
وَكُونوا عُصْبَةً إنْ جارَ حُكْمٌ ... فَشَرْعُ الدِّينِ لا يَرْضى انْصِياعا 
بـِلادُ العُـرْبِ يَكـْفينـا ظـَلامٌ ... شُعُوباً فانْزِعُوا الحَقَّ انْتِزاعـا
وَسيرُوا في سَلامٍ نَحْوَ جيلِ ٍ... أعِدُّوا لِلـْحِمى الحُبَّ اسْتِطاعـا 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للشاعر موسى أبو غليون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق