الاثنين، 26 أكتوبر 2020

رهاب الحجر ... بقلم الشاعرة ... سعيده باش طبجي


 ◇◇《  رِهابِ الحَجْر 》◇◇


أنا هُنا فِي رِهابِ الحجْر و الوَجلِ

و اللّيلُ يمْضُغُني و الشّعرُ ينْشزُ لي 

أتُوقُ أقْوَى على عُقمٍ بقافيتي

تِيهٍ بِبَوْصَلتي..عَتْمٍ بمُعْتَقَلي

أرُومُ  نفْحا من الأشعار  يَمْهُرُني

بيْتا ظليلا بفَيْء النّور  و الأملِ

لكنّني لا أرى في النّبْض بارقةً

إلاّ فُلولا من الأوْجاع و العِللِ

◇◇◇

قد كنْتُ أحْسَبُ أنّ الشّعرَ يحْمِلُني

إلى أقاصٍ بِهَامِ النّجْدِ و الجبلِ

و ها أنا في الثّرَى ولْهَى مُقيّدةٌ

محْجُورةُ الصّوتِ و الألْحان و الجُمَلِ 

مكْلومةٌ و يراعي ريشةٌ ثُلِمَتْ 

مغْلولةٌ و جناحي قُدَّ منْ قُبُلِ

مغمُورةٌ دَرْبُ أشعاري.. مُحنّطةٌ

أحلامُها في الثّرى..مَوْصُودةٌ سُبُلي

مُباحةٌ ...و مَراتِيجي مُحَطّمةٌ

قدْ فُلَّ عزْمي و أرْسَى في هُوَى الخَلَلِ

◇◇◇

غاضَتْ يَنابيعُ حُلْمي ..مَنْ يُفجِّرُها.؟

و يَسْكَبُ النّورَ و الأنْداءَ في قُلَلي؟

ماذا أقولُ لأوطانٍ بلا وطنٍ

بِيعَتْ بلا ثمنٍ... في  سَاحة الخَطَلِ..

ماذا أقولُ لأطفالٍ بلا سَنَدٍ

ضاعتْ براءتُهم في لُجَّةِ الزّللِ

ماذا أقولُ و ماذا لا أقولُ أنا؟

قد أُلْجِمَ الحرفُ بالأوجاعِ و الخَجلِ..

و ضاقتْ الأرضُ بالأوْصابِ ما رَحبَتْ

و صُودِرتْ نخْوةُ الصّنديدٍ و البطلِ

و اسْتَفْحلَتْ موْجةُ الأوْجاع تجْرِفُني

تُلْقِي بعُمْري على شَطٍّ من  الشّللِ

فمنْ يرُمُّ جروحٌا  سالَ نازفُها  

نهرًا من القيْحِ و الأعْتامِ في المُقلِ؟

◇◇◇

هذي حُروفي عِجافٌ۔۔۔مُحبَطٌ قلمي

و الشّعرُ  مُخْتبِطٌ في حَمْأة الوَجَلِ

أهزُّ جذْعَ نخيلِ الشّعر ...يَهْزأ بي

يلْقي عَلىَّ  مُلاءاتٍ من الوَحَلِ

عُرْجونُ قافيتي  عارٍ  بلا رُطَبٍ

و العذقُ في نخْلتي عَارٍ من الحُلَلِ

یَمُجُّني الحبرُ و القرطاسُ في قَرفٍ

و في الیَراعِ صَديدُ العُقْمِ و الفَشلِ

و الأرضُ تصْرُخ ولْهَى لا تطولُ مدًى

على رَصيفِ  الأذّى و الذُّلِّ لم تَزَلِ

و الکونُ قبْوٌ و هذا الأفقُ مِجْمرةٌ

و البيْتُ رَمْسٌ بعصْرِ الدّاء و العِللِ

◇◇◇

 ما حِيلتي؟ ليْسَ لي إلّا  قميصُ أسًى

يلفُّني  بدِثارِ  السُّقْم و المَللِ

و ليْسَ لي غيْر ذكْرى مِن جميلِ هوًى

رَمَتْ بشَوْقي إلى تغْريبةِ الطّللِ

أدْمنتُ حرْفي و لكنْ خَانَني وَجَعي

و امْتصّ أخْيلتِي جوْرا على عَجلِ

لم يُبْق لي أحْرُفا أو بعضَ قافيةٍ

حتّى أشاركَ في أهْزوجةِ الأملِ

◇◇◇

سأكْتفِي بشُجُوني أنْسَ قافيتِي

و أرْفضُ العيْشَ في دَوّامة الجَدَلِ

و أتْركُ الشّوقَ و الأوجاعَ تُبْحِرُ بي

(أنا الغريقُ فمَا خوْفي مِن البَلَلِ؟)*


        ◇◇《سعيدة باش طبجي◇تونس》◇◇

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق