الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

لغتنا العربية بقلم الشاعر... مصطفي كردي


لغتنا العربية


لغةّ إذا خرجت على أخواتِها

سجدت لمشهدِ حسنِها الربّاني


فهي المليكةُ فوقَ عرشِ حروفِها

قد أصدرت في الحسنِ كلَّ بيانِ


كالشمسِ لا تخفى فإن خفيت فقد

خفيت على قومٍ من العميانِ


من عهدِ آدمَ كوّنت أسماؤها

وبعهدِ طهَ شُرّفت بقُرانِ


يكفي بأنّ اللهَ جاءَ بحرفِها

ليكونَ تبيانًا على التبيانِ


يكفي بأنّ المصطفى بحديثهِ

قد زانَها فزَها بها الثّقلانِ


لغةُ البقاءِ كما الكتابِ لأنها

حُفظت بفضلِ رعايةِ الرحمانِ


قَهرت بحرفِ جمالِها الشيبَ الذي

يأتي اللّغاتِ على مدى الأزمانِ


فهي العروسُ بكلّ حينٍ كالضحى

أو كالزهورِ تميسُ في الأغصانِ


نُظِمت فكانت كالسماءِ بوسعِها

نُثِرت كرملِ البَرِّ والشُّطآنِ


فانظر إلى لغةِ الكتابِ وقل لنا

هل كان في الإمكانِ شيءٌ ثانِ


قد أبدعَ الرحمنُ سبكَ حروفِها

هي مِنّةُ المولى على الإنسانِ


فمن ابتغى منها الجمالَ أتت بهِ

مثلَ الحريرِ بلمسةِ النشوانِ


ومن ارتقى فيها الجلالَ فإنها

مثلُ الجبالِ تحيطُ بالبلدانِ


كم عاشقٍ عشقَ الهوى بحروفِها

نسيَ الحبيبَ بنظمِها الفتّانِ


أو عاتبٍ بهجائِها قتلَ الورى

كضِرابِ سيفٍ أو كفتكِ سِنانِ


وبها الرثاءُ يُذيبُ ثلجَ صدورِنا

ويذوبُ قلبُ القلبِ بالخفقانِ


وإذا السعادةُ تُرجمت ببهائِها

عادت كجنّاتِ إلى الكثبانِ


لغةُ الحياةِ بقَضِّها وقضيضِها

قد لونَت ألوانَها بلسانِ


عربيةٌ قادت لواءَ عقولِنا

فتحت به الآفاقَ بالعرفانِ


ولقد حكمنا عندما كنا بها

وبدونِها عُدنا إلى الخسرانِ


يا أمةً خلعت عباءةَ حرفِها

فتعرّتِ الأجيالُ بالعصيانِ


عودي إليها كي تعودي أمةً

عربيةَ الأخلاقِ والأردانِ


مصطفى كردي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق