ضجبج الصمت
وكلُ حرفِ حوى من ذكركِم سببا
إن قبلَ الوردَ أو إن عانقَ الشهبا
وكلُ حرفٍ إلى عينيك مهبطُه
كأنه طائرٌ من عشه أغتربا
يصارعُ الريحَ والأمطار منفرداً
وينثني بدموعِ الحبِ مختضبا
أنين حرفي دموعي موج قافيتي
بشهقتي بزفيري ذكريات صبا
ذكرى تظللني حيناً وتمطرني
حيناً وتضرب بي القيعان والسحبا
لملمت ريشي لكي ألقاك ذات ضحى
فَنتَّفَ الصَدُّ ريشَ القلب والزَغبا
وما بقى غير أبيات مُضرجة
وبعض روح على تلك السطور حَبَا
أذا أتاكِ كتابي حاملاً دمه
وراح يستوطنُ الأحضانَ والهدبا
وراح يشكو الى الأحداق لوعته
ويستفز هوى في مقلتيك خبا
وأطفأت زفراتُ الوجدِ جذوته
وكلما أطفأتها بالهوى التهبا
تجولي بسطور الوجد وانتبهي
أن يلسعَ الحرفُ ذاك الأنملَ الذهبا
لا بل سيغدو سلاماً كلما لمست
كفاك دفته في كفك أنتحبا
ضمي إليك حروفاً ملؤها شجن
تود لو تسكنُ الأحضانَ لا الكتبا
حطي على القلب يا ليلاي دفته
ليرسلا لوعة الأشواق والعتبا
أن دق قلبك ترحيبا بمقدمه
يغدو هزاراً على أغصانه طَرِبا
يكاد من لوعة الأشواق يدفعه
ليهتك القفص الصدري والحجبا
مذ خبأتك الليالي والفؤاد نبا
عني يسائل عنك الغيمَ والشهبا
كم كان يبحث في جنبيك عن وطن
وعن عيون على أهدابها صُلِبا
يغغو على وجنتيها مرهقاً تَعِبا
فتنفضُ الغمَ والالامَ والتعبا
منذ افترقنا وقلبي في الطروس سرى
يشع حبك نوراً يملأ الكتبا
وأنت بين شفاه الحلم سنبلة
أضفى عليها الضحى ثوب المنى القشبا
نعسى ترنح والأحزان نائمة
يغرد الطير في أفيائها طَرَبا
تخبئ الصبح في جذلى ابتسامتها
وتركل الليل عنها كلما أقتربا
و كان يبحث عن مأوى بلا نصب
وغاب مأواه خلف الغيم واحتجبا
فلا خصائل ليلي أدفأت أملي
ولا أعاد إليَّ الفجرُ ما نهبا
تلك السنون التي مرت على كبدي
وكل ثانية تهدي الأسى حقبا
وعقرب الساعة المحموم يطحنني
وذكرياتك بين القلب وقع ظُبا
سبع عجاف فلا أحجارنا أنبجست
عن ومض حلم ولا زف المنى سحبا
سبع عجاف وعام الغوث يا أملي
يزيد منا أبتعاداً كلما قربا
أمشي على التيه في صحراء محزنتي
أسائل الرمل عن أخبار من ذهبا
كثبانك اليوم كانت سندسا ألقا
أضاء ليل الحيارى والحصى ذهبا
كانت قوافل حب فردستك ضحى
فكيف عاد إليك الأمس منجدبا
أتيت أسأل عن بلقيس هدهدها
عن جنة أهدت الزيتون و العنبا
عن عرشها عن أُلي البأس الشديد عن الـ
ـصرح الممرد عن مجد حوته سبا
يا هدهد الخير هلا عدت تخبرنا
بعض اليقين مللنا الشك والريبا
فحرك الطير جنحيه على مهل
حتى أستدار فصاح القلب مرتعبا
كسا دجى الليل طيرَ الخير حلته
فاسود حتى غدا في الطير مغتربا
وشوهته حروب فانثنى فزعا
أضحى غرابا على أنقاضنا نعبا
وصب زعقته في أفقنا غضباً
وقال والصوت يزجي اللوم والعتبا:-
أني وجدت أناسا ضل سعيهم
لم يعبدوا الشمس لكن قَبَّلوا الركبا
واشعلوا في الضحى نيران فتنتهم
حتى يكونوا إذا أمسوا لها حطبا
نامت عن الفتنة العمياء حكمتهم
ودوح زيتونهم أضحى لهم لهبا
ناموا عن الفأر إدلالا بقوتهم
وكان نومهم في هلكهم سببا
الجنتان طماها السد حين هوى
والأثل والسدر صارا للوغى حطبا
وقهقه الفأر مختالاً بغدرته
وجر تيهاً على أسد الشرى الذنبا
وقال والغدر من سنيه منسكبٌ
بحيلتي وبمكري سدكم خربا
ويراح يبحث عن شيء ليسقطه
ما زال فيه بقايا نخوة وإبا
يا هدهد الخير لا تظلم عراقتنا
ربيع عمر رؤانا لم يزل خصبا
ماتت ضمائرُ.. لكن لم يمت غضبٌ
حتى يعيد لنا الفجرَ الذي نهبا
كنا انتظرنا بشط الليل طلعته
وزاد فينا اتلاقاً حين قيل خبا
كصيقل في يدي الحداد يضربه
ويستضيء مضيا كل ما ضربا
قد تُذهبُ النارُ شيئاً من تصدئهِ
لكنه ما انحنى عن مجده ونبا
اعتى من الموت إن راموا الممات له
يضني الضنى يتعب الآلام والتعبا
بحري وصخري ، جبالي، زهر أوديتي
كثبان رملي، طيور الأيك، سحر ربى
تغفو على ثورة لو فار من دمها
فتيلها ترفع الدنيا لها الغلبا
محمد خادم نبيش
اليمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق