... منافي الروح ...
نَفَرُوا ومِلْءَ قلوبِهم آلامُ
وتَجَلْبَبُوا الوطنَ الذبيحَ وهامُوا
وتَجَشَّمُوا عُرْيَ الصدورِ مَسارِباً
في طَيِّها الأتْراحُ والأَسْقامُ
تَرَكوا حصادَ العُمْرِ خَلفَ ظُهورِهم
وتَوَسَّدوا القَلَقَ المُنِيفَ ونامُوا
نَزَلوا بِمَخْمَصَةِ اللئامِ وأُتْرِعُوا
وَجَعاً وليلُ الظاعنينَ هيامُ
طَرَقَتْ يَدُ الأغرابِ بابَ بيوتِهِم
وَعَلا يُطاوِلُ سَقْفَهُنَّ ضِرامُ
فَتَحَسَّسوا مَوْتاً يَطوفُ بِفَيْئِهم
وبِكلِّ رُكْنٍ زَفْرةٌ وحِمامُ
قالوا سَيُنْصِفُنا الضميرُ ومجلسٌ
لِلْأمنِ لا أَمنٌ بهِ وسَلامُ
وتَيَقَّنوا أَنَّ الضمائرَ كِذْبةٌ
فضَميرُ مَجْلسِ أمْنِها أَوْهامُ
في عُرْفِهِم لاشَيءَ يمنعُ مَوْتَنا
والسِلمُ في قاموسِها استِسْلامُ
تَطْوِي دروبَ الموتِ وَحدَكَ هائماً
خَذَلَتْكَ من وَهَنٍ بها الأرحامُ
وتَعَسَّفَتْ أُمَمٌ عليكَ قريبُها
وبعيدُها وتَغاضَتِ الآنامُ
خارَتْ قِواكَ وهَدَّها طولُ السُرى
وكَبَتْ لِطولِ مسيرِها الأقدامُ
كُنْ أنتَ عكّازَ السقوطِ إذا نَبا
بِكَ دَهْرُها أو جارَتِ الأيامُ
ياجُرحَنا المَفتوحَ يَقْتُلُنا الأسى
وتَعيثُ في الجَسَدِ البَريءِ كِلامُ
من كلِّ فَجٍّ تَعتَريكَ سِهامُهمْ
إنْ طاشَ سَهْمٌ أَوْجَعَتْكَ سِهامُ
رامُوا اجْتِثاثَكَ والجذورُ عَصِيَّةٌ
لكَ في تفاصيلِ الوجودِ مَقامُ
في لَيْلِكَ الشِتْوِيِّ ألفُ حكايةٍ
عَنْ كيفَ يفْتَرِشُ التُرابَ كِرامُ
عَن كيفَ تَلتَصِقُ المحاجِرُ بالثَرى
عن شَعبِها المَظلومِ كيفَ يُضامُ
عن حُرّةٍ صامَتْ وصامَ وليدُها
وقَسا عليها الجوعُ والإعدامُ
غَيْضٌ من الفَيْضِ الحزينِ حكايَتِي
هِيَ بَوْحُ ما جادَتْ بهِ الأقلامُ
هِيَ صَوتُ مَنْ تحتَ الرُكامِ مَقِيلُهُ
وضُلُوعُهُ فوقَ الرُكامِ رُكامُ
أُوّاهُ من لَيلٍ تَطاوَلَ عَهْدُهُ
لا شَيْءَ إلّا عتْمَةٌ وظَلامُ
سِرْنا بعيداً والقلوبُ تَهامَسَتْ
أَيَظَلُّ من بُعدِ الديارِ غَرامُ
أَحِكايةَ التَهْجيرِ قُصِّي لِلْوَرى
مَأْساتَنا فالشاهِدونَ لِئامُ
بِكَ وَحْشَةٌ للدار.. للصَخَبِ العَتِي..
دِ لِبابِها المَخْلوعِ فيكَ مَرامُ
إنَّ القصورَ الشامِخاتِ قصيرةٌ
أعمارُها والناطِحاتُ خِيامُ
ولِأنّها احْتَضَنَتْ براءَةَ طِفلةٍ
فلَها من الشَرَفِ الرفيعِ سَنامُ
ومنَ المنافي في العَراءِ أبُثُّها
سنعودُ مهما جارَتِ الأحكامُ
وسَنَلْثُمُ الأبوابَ نَنْشقُ ضَوْعَها
ويطولُ في سَيلِ الدموعِ مَلامُ
شَوْقاً أَزُمُّ رواحِلِي مُتَهَيِّئاً
ويقودُني في رحلَتي الإلهامُ
ربّاهُ يَسِّرْ إنّني بكَ لائِذٌ
ماخابَ مَنْ ناداكَ ياعلّامُ
الجمعة، 11 ديسمبر 2020
منافي الحب...بقلم الشاعر...عماد احمد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق