الاثنين، 24 يناير 2022

قصة،، في رحاب دائرة الأمن،، بقلم.. عبد الأله ماهل

- قصة واقعية "في رحاب دائرة الأمن"
بقلم : أ. عبدالإله ماهل من المغرب 
وهو على مشارف الإدارة، أذ بسبورة من خشب، كانت معلقة بأعلى المدخل، وقف مشدوها أمامها. كتب عليها وبأحرف  بارزة، مجموع الوثائق التي يجب الإدلاء بها؛ من أجل الحصول على شهادة السكن.
تفحص ما بين يديه من وثائق، فطارت طائرته، ضرب أخماسا بأسداس. إلا أنه ما كاد يعود إدراجه إلى بيته، حتى استرعى انتباهه، حرف -أو- كأداة اختيار يصب في مصلحته؛ ليعطيه  كامل الحق في الإدلاء بإحدى الوثيقتين، دونما حاجة إلى الأخرى.
وهنا تنفس الصعداء. صعد إلى آخر الدرج حيت مكتب هناك، يتولى مأمورية تسلم الوثائق مقابل تسليم شهادة السكن.
انتصب واقفا بآخر الطابور؛ ينتظر دوره، شأنه في ذلك شأن بقية المنتظرين.
طال به الإنتظار، ولم يشأ أن يبدي أيتها احتجاج  اتجاه شطحات الشاويش التي باتت محسوبيتها،  مكشوفة وبالواضح للعيان، أولا خوفا من أن يجد نفسه ملقى به
خارج الطابور، وتانيا إيمانا منه أن الدور سيأتي عليه لا محالة، سواء أطال أمده أم قصر.
وأخيرا، أتى عليه الدور، تقدم ناحية الموظف وبسط بين يديه جميع الوثائق.
لملم الموظف نظارته أسفل منخاره، حدق فيه جيدا، وكأنه يسبر أغواره، فابتسم إليه، فردها عليه المسكين بأحسن منها.
آنذاك، استشاط الموظف غيظا، وكأنه كان يمني النفس بشيء آخر،
رمى بالوثائق جانبا بدعوى، أن الملف غير مكتمل.
احتج عليه هذا ورد عليه ذاك. فتعالى السجال، مما استدعي تدخل الرئيس هناك، والذي لم يكن بأحسن حال من المرؤوس.
وكأنهما على قلب رجل واحد. ضما صوتهما إلى بعضهما، ليجد نفسه مغلوبا على أمره، ولا دنب له سوى أنه صدق أطروحتهما، والتي جاءت على لسانهما، من خلال اللوح المعلق بأعلى المدخل، والتي ترمز إلى حرف -أو- كأداة اختيار، في حين نكروها عليه ونحيا عنوة، منحى حرف واو المعية، ليوقعاه في الغلط، وليعود أدراجه من حيت أتى.
حز في نفسه أن يصاب من هذا القوم بجهالة، وهو الأدرى بموضع الحرف والصرف. فقام من توه، وحرر رسالة في الموضوع، ووجهها إلى كبيرهم بالإدارة المركزية.
لم يتأخر عنه الرد كثيرا؛ وكأن بالمركزية حقدا دفينا اتجاه المصالح الخارجية، ومن تم حرر في حقه محضرا، استمع من خلاله إلى أقواله.
وبعد حين، اختفى اثر الرئيس والمرؤوس نهائيا، لا من تلك الإدارة فحسب بل من المدينة برمتها.
وعلى لسان أحد الظرفاء، أن تمة إجراء اتخذ في حقهما، إما  بالنقل أو بالترقية.
والحال أنهما أمران كلاهما سيان...
وأن الاحتفاظ بهما  كسوط، على رقاب العباد، لهي الطامة العظمى...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق