___ حضارة في الحضيض __
ينابيع برئية ، تمعّج فيها الصلصال ،
يعروها نمّالٍ من الخوف ،
تكزّ على اسنانها بذهول
خشية أن يأتي يوماً ....
تعزف فيه عن القراءة ،
وتتوقّف عن الكتابة ،
ويتحول العالِم جاهلاً
وتابعاً ذليلاً لجُموح السلاطين ،
الحضارة التي بلغت الأقاصي البعيدة
تتقلّب في عُتمة الحيرة ،
تركض في فراغ الوجود ،
غارِقة في صفو عنفها واضطرابها ،
الحضارة التي تألّهت بالإزدهار
ذات زمنٍ مضى ،
أختفت في سدوم السّنين
لم يعد لها من أثرٍ ،
سوى بقايا مخطوطاتٍ مبعثرة ،
في أضابير المتاحف الغربية ،
وامست على وشكِ الإنقراض ،
تستعطِف أُمم أدركت معنى الإنتساب
إلى الحياة
وأدركت قيمة هذا الوجود ،
ذاكِرتي ترتجف بين الأوراق ،
كسفينة لا تكاد تُبحِر
إلّا وتأخذها الأعاصير ،
لا أحتاج إلى أكثر من لُغة كي أكتب ،
ولا أحتاج لأكثر من قلبٍ كي أفرح ،
فأنا لا أجيد الإبتسامات المفعمة بالغُبار ،
فقط أجيد تراتيل الأحزان ،
إله الحُزن القاتِم يسكن بؤبؤة عينيّ
ويكتب على قسماتي العريضة سورة الظّلُمات ،
تحت رُذاذ التقدّم العِلمي ،
والإكتشافات المتجدِّدة ،
أصبحت أمة إقرأ مزرعةٍ تأوي قطيع من الأميّين
تسير عارية بين الأسئلة ،
مُبتهِجة بطفولة اللغة ،
غير مكترِثة بعسسِ القصيدة
وحُرّاس الأبجدية ،
مُنهكة في الملذّات
لا تعِ سوى اسرار ليلة الدُّخلَة ،
تخفي أكثر مما تعلن ،
وتمتنِع عن تقديم خُصوبتِها ،
أخترعت نُقطة الصِّفر
وأضحت عاجِزة على فهم قانون المُماثلة ،
لديها عُزوف عن الحياة ،
تمضي إلى كهفها حزينة
بدون قُبلة وداع ،
وتنام في حضيرتها
دون أن تحلم بأي صباح .
________ جمال العامري ١٨ / ١٢ / ٢٠١٦٦م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق