الأربعاء، 21 يونيو 2017

إلى المعري وهو يرسم خارطة الضوء بقلم محمد طتهر الصفار

إلى المعري وهو يرسم خارطة الضوء
تمخّضتْ أمُّه أعمى يلوحُ به *** ما لم تُحطه أوالي قومِها خُبرا
ومن أبٍ لم يكن إلّا لنطفتهِ *** يدٌ عليه وبذرٌ يُفرعُ الشَّجَرا
تصلصلتْ في سحيقِ الرفضِ سحنتُه *** فكان ينفثُ من أوداجِها الشَّرَرا
ولقّنته ضروعُ الحزنِ أغنيةَ الـ *** ـموتى فصاغَ لها من قلبهِ الوَتَرا
وخطَّ في لوحةِ الأسفارِ خطوتَه *** حتى استشفَّ على أنساغِها القدرا
ولم يجدْ في المدى من يومِ مولده *** حبيبةً فانتقى في دربهِ القمرا
يفتضُّ ما قدّرتْ أوزارُ محنتهِ *** بصمتهِ ورؤاهُ تلجمُ البصرا
في دجلةٍ في فراتٍ في معرَّته *** في روحِ بغدادَ ألقى (السقطَ) فانهمرا
تلا بليلتهِ نجوى المدى ومضى *** يجسُّ منفاه حتى أوقدَ السحرا
أفنتْ تراتيلُه في سجنِ غربتهِ *** كل التضاريسِ حتى استنفرت عُصُرا
وشجَّرَ الحزنَ من أنفاسِ قافيةٍ *** على التآويلِ روحاً أوجعَ المَطَرا
وأوصدَ الأفقَ في نجواهُ محتكراً *** نبضَ الأقاويلِ ندّى حلمُه الوطرا
أبا العلاء علتْ عينيَّ غاشيةٌ *** حتى رأيتكَ فيها تزجرُ البشرا 
(أعمى يقودُ بصيراً لا أبا لكم) *** من لم يقده ضميرٌ صادقٌ كفرا
أحكمةٌ ؟ أم جنى الأقدارِ ؟ أم عظةٌ ؟ *** أم رب نافعةٍ قد خلّفتْ ضررا ؟
أن توقدَ الحبَّ في الأحداقِ اغنيةً ***  وما تداركَ منه المبصرُ الأثرا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق