فَجرُ التُّقى
شعر: صالح أحمد (كناعنه)
محزونَةُ القلبِ في عينيكِ يغترِبُ
شوقٌ وَيَشقى على أعتابِكِ التّعَبُ
.
أضناكِ صدٌّ منَ الأهلينَ فارتَحَلت
عيونُ فجرِكِ، ما ضاقت بها الحِقَبُ!
.
قُدساهُ يا وَجَعَ التاريخِ يا لُغَةً
ما أنصَفَ الشِّعرُ مَرقاها ولا الخُطَبُ
.
أنتِ الشُّموخُ وفي عينيكِ لي أثَرٌ
أبقى انتظارَكِ للوجدانِ ينتَصِبُ
.
والرّيحُ تعزِفُ في اللّيلاتِ بعضَ صدى
صوتِ اصطِبارِكِ والأركانُ تُغتَصَبُ
.
قدساهُ صوتُكِ يُشعِلُني وقد سَكَتَت
عنكِ المواجِعُ، والأشواقُ تضطَرِبُ
.
أنتِ ازدِحامُ الرّؤى في الروحِ نابِضَةً
والوعدُ يَحيا بنا ما شَفَّهُ الوَصَبُ
.
عيناكِ هذا المدى المسفوحِ في دَمِنا
نُسقاهُ، يصحو بنا الإحساسُ والغَضَبُ
.
يا ليلُ طالَ النّوى عن صَدرِها فَهَفَت
روحي لمَبسَمها، ما دونَنا حُجَبُ
.
هل تَنطَوي الرّوحُ في آلامها جَزَعًا
ويخجَلُ الدّمعُ والوجدانُ ينسَكِبُ؟
.
قُدساهُ يا صرخَةَ الإيمانِ تنزِفُنا
صبرًا على غَدِنا إذ باتَ يقتَرِبُ
.
قدسي على شَفَةِ الأزمانِ تَكتُبُنا
فجرَ اليَقينِ فلا رَسمٌ ولا لَقَبُ
.
يعودُ بالخيرِ أركانًا يَعُزُّ بها
الحقُّ بُنيَتُها والرّوحُ والعَصَبُ
.
فجرًا يتيهُ على الدّنيا بغُرَّتِهِ
لها يهونُ السُّرى وينحني الأرَبُ
.
والرّوحُ مترَعَةُ الأشواقِ يَجذِبُها
وعدُ السّماءِ بشوقِ الوَصلِ يَختَضِبُ
.
ما راعها صَفوَةُ الأرواحِ ما شَهِدَت
من قاحِلِ الحالِ ما لجَّت بِهِ النُوَبُ
.
بغدادُ تُسقى زعافَ الحالِ إذ نَفَرَت
وهي الأصيلَةُ أن يَحظى بها الكَلِبُ
.
والشّامُ بنتُ العلا تشقى بساكنها
بكاذِبِ القولِ مَن أفعالُهُ رِيَبُ
.
صاحَت وصوتُ الحنايا نبضُ عاشِقَةٍ
يغتالُني الصّمتُ، أهلي بأسُهُم لَعِبُ
.
يجتاحُ جرحُكِ يا أختاهُ خاصِرَتي
نزفي لروحِك بالأشواقِ ينتَسِبُ
.
يستقطِرُ الوجدُ أحزاني فينطِقُني
لن يبرُدَ الشوقُ في عينيكِ يا حلبُ
.
تبقينَ مُترعَةَ الأمجادِ يا فَرَسًا
ما طالَتِ الريحُ مَسراها ولا السُّحُبُ
.
ولا تَوارى بَريقُ المجدِ عن لُغَةٍ
كم شَعَّ من روحِها الإبداعُ والأدَبُ
.
يا شامُ! ماذا يقولُ الجرحُ مُذ نُهِبَت
بغدادُ إذ غالَها التّدجيلُ والكَذِبُ؟
.
اللّيلُ أفقُ الأُلى أحلامُهم مَرَضٌ
وفي مَناهِجِهِم يَستَفحِلُ العَطَبُ
.
يا شامَنا ارتقبي فالقدسُ مُرتَقِبٌ
فجرَ التُّقاةِ فلا فُرسٌ ولا عَرَبُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق