*ترانيمُ الدهر*
يطولُ هنا الإنسانُ في الأرضِ شارعُه
فتكثرُ أو تزدادُ فيها جعاجِعُه
فيوغلُ في المكروهِ حتّامَ جاهلًا
ويبقى اسيرًا والأثامُ دوافعُه
ويستطردُ الذنبَ الملامسَ قلبَهُ
فقبحًا لافعالٍ جَنتها شنائعُه
ويسبرُ في الدنيا ويشربُ كأسَها
وينسى بأنَّ المرَّ في الكأسِ واقعُه
وأيُّ جميلٍ لا محالةَ ينتهي
وأيُّ ارتقاءٍ فالزمان مُواضِعُه
وإن صَفَعَت أيدي القويِّ مسالمًا
فقل إنَّ دهري لا محالة صافعُه
وهل كلُّ شيءٍ يبتغيه ينالُهُ
وإنَّ ورودَ الموتِ لاشكَّ مانِعُه
فإن قطعَ المعروفَ فالسوءُ صنوهُ
وحقًا على التقوى هناكَ تُقاطِعُه
يُزيِّنُ إبليسُ المواقفَ كلَّها
فأغوى أبانا حيثُ ظلَّ يُخادِعُه
وأيُّ جهولٍ مايزالُ بفخِّهِ
وأيُّ سفيهٍ حيثُ إبليسُ بالعُه
ومن سوءِ حظِّ المرءِ من رامَ فانيًا
إذاما ذرى يومًا فلا شيءَ نافِعُه
وإنّي امرؤٌ يأبى الجهالةَ دائمًا
وإن حلّ خطبٌ فالتصبُّرُ قالعُه
يجيءُ ظلامٌ إذ يخيّمُ بؤسُهُ
فصبحي إذا أرسى الضياءَ لقاشِعُه
كأنَّ مجيءَ الصبحِ للمرءِ فرصةٌ
فيلقي غبارًا إذ تُصدُّ نوازعُه
ليثبتَ عملاقًا بوجهِ عواصفٍ
ويَصمدَ حتى لو تُزادُ زعازعُه
هنالكَ في الأطرافِ ألقى زمانُنا
مزابلَهُ حتى تُودَّ بضائِعُه
خُدعناجميعًا فالسرابُ بمائِهِ
وفيهِ فقد بانت هناكَ معامِعُه
فنصرخُ ولهانينَ من غيرِ فكرةٍ
فشاحَ زماني الوجهَ وانبادَ سامِعُه
نهانا نُهانا ثم لم نلتفت له
فظلَّ سفيهُ القومِ ردحًا يُخادعُه
به الدهرُ لا تشدد إزاركَ باسمِهِ
فذاك وشاحٌ قد توالت ذعاذِعُه
فللهِ درُّ الدهرِ كم كانَ فارسًا
يجندلُ صنديدًا فتبدو وجائعُه
فلات سويعاتِ الندامةِ حينما
يحلُّ بلاءٌ أو تجفُّ مدامعُه
فإن تبنِ إيمانًا فدقق أساسَهُ
فكم من تقيٍّ قد رعتهُ صوامعُه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق