وداعاً
وداعاً أيها الوسميُّ إني
لَيَهْمَعُ بين ودياني العِهادُ
وترعي ناقتي في كل روضٍ
فكيف لِقَفْر باحتِكم تُعادُ
إذا لم يحوِني أفقٌ عزيزاً
صنعتُ لأرجلي نجماً يُصادُ
وكنتُ بموطني مأوىْ ليوثٍ
تُصادُ إذا زأرتُ لِيَ النِّقادُ
وجئتُ إليكم أبغي وداداً
فألْجأني إلى الثمن الودادُ
وجئتُ وملءَ راحاتي وجَيبي
وشرياني رياحيناً تُجادُ
فكان قِراكُمُ خَمْطاً وأثلاً
وفوق الخَمْط منتشراً قُرادُ
فلو أَنِّي ملأتُ السهل فُلاًاً
مع الِدفْلَيْ لَعاثَ به الجرادُ
فلا سكنتْ لساريتي رجالٌ
ولا قرَّتْ بُثَيْنُ ولا سعادُ
إذا كان الوداد يجيء منها
بمكيال المساءة إذ يُجادُ
سأرجع مثل عهدي قرب نهرٍ
أُفَدِّيه ..ويفديني ..المهادُ
إذا ما غبتُ عنه يفيض غمّاً
وأحزاناً يطير لها الجَمادُ
ولا لا يسكنُ التَّوْجافُ منه
بغير هُتاف بُشراها الوهادُ
وتدعوه الأقاحيْ والخُزامَى
ألا يانيلُ إنّ الناس عادوا
لَنهرٌ كان من أَزَلٍ مَجيداً
من الَجنّات أعيُنُهُ الحِدادُ
وكم شادتْ به الأبطال صرحاً
وليس كمثله عزُّ يشادُ
حضاراتُ الزمان إليه طُرَّاً
تعودُ بتُرْبِه فُطِرَ العبادُ
فلا يشمخْ علينا ذو مِدادٍ
وهل دون الهَشَاب يُرى مدادُ
وتَطْرِفُ كلَّ ليلَتِها الثّرَيّا
وتُرهبها لنا هِممٌ.. جِلادُ
وتَعجَب إذ تَرى قوماً وَلَدْنا
كمثل الذرّ.. .أفئدةٌ كِنادُ
وإذ يُدعَون زيداً ثم عَمراً
ومن أصلابنا كان الوِلادُ
فمِنَّا آدمٌ ..أصل البرايا
وأُدْمَتُه بتُربتنا ....جِسادُ
فنحن الأصل يا دنيا ولكنْ
لَقِدماً كان منكِ الأرتدادُ
فكم من مَعشر سادوا بأرضٍ
ودارَ الدهردورتَه فبادوا
ولكنَّا بقينا ....مثل سِفْرٍ
به عِلْمُ الخليقةُ ...يُستَفادُ
لنا المَرَوِيُّ مخبوءً لسانٌ
يَطِير به ..إلى أمدٍ جوادُ
وخبَّأَهُ العدوّ ...لأمر كيدٍ
نَكيدُ غداً كما كنا... نُكادُ
فيَا أُمَّ الحضارة دام مجدٌ
ولو سرقتْه أكبادٌ ....شِدادُ
فهذا الفجر في الآفاق يدنو
وقد أوفى لأسرارٍ... معَادُ
غداً يا أمَّ موسى ثَمَّ عُرْسٌ
له يَعْنو الأقاربُ ..والبِعادُ
............................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق