الاثنين، 17 فبراير 2020

أحمد جيجان _ دمشق. همس الغُروب

همس الغُروب 
——————————
يا ضِفافَ الحبِّ هل حَيَّتكِ أطيافُ المغيبِ
و تراءَتْ  مثل " هَـيفاءَ "  تُغَنّي لِحَبيبِ
تنثُرُ  السِّحْرَ على الأَمواجِ و الرّمل الرَّطيبِ
صُوَرٌ من خَفقَةِ الماضي و ذكرى من لقاء
و بقايا نَشْوَةٍ راحَتْ ، و دنيا و صفاء
خَطَرَتْ كالحُلمِ في جَفنِ الليالي
حين سِرنا فوقَ وادٍ من خيالِ
نَشْرَبُ النورَ .. و نَحْبوا للظِّلالِ

وبعينيكِ من الشَّوقِ  فتونُ
و بقلبي منكِ سِحْرٌ و جنونُ

                ***
قلتِ لي و الشمس تلقي فوق خديكِ رداها
و تُـحيل الصخر و الماء قلوباً وشِفاها
وتُعيد الطّير مسحوراً على خفقِ سناها
قلتِ لي  والشفق الوردي في روعتهِ
آهِ .. لو يغفـل هذا الكونُ عـن دورته
ونرى الدنيا بعيني طائرينِ
أطلقا فيها جناحي عاشقينِ
فأُغنّي ، وتُغنّي لكَ عيني

وبعينيكَ من الشوق   فتون
و بقلبي منكَ سِحْرٌ و جنونُ

                  ***
و احتوانا زورقٌ  يختالُ فـي زرقةِ مــاءِ
الهوى ملّاحُهُ الشادي بأنغـامِ الرجــاءِ
فيـهِ ما أَلْقَتْهُ ربـّات الصِّبا ذات مساءِ
مِن أَزاهيرَ و قيثارَ و كأسٍ عاطِرِ
سَكِرَتْ من خَمرِهِ روحُ شَبابٍ ثائرِ
فأَحاطَتْكِ عـــلى رفــقٍ ذراعـي
و تساقينـا عـلى همْسِ الشــراعِ
و تــبدّيتِ كحــــلمٍ  أو  شــــعاعِ

و بعينيـــكِ من الشـــوق فتـــونُ
و بقلــبي  منــكِ سـحرٌ  و جنــونُ

                    ***
ثمَّ عُدْنا للضِفافِ الخُضْرِ و الّلهو المُتاح
بينَ  عُشّاقٍ  أَسارى  و أباريقَ  و راح
كلُّ. كأسٍ غَفْلَةٍ .. تُقْصيكَ عن ذِكْرِ الصَّباح
ساعةَ شَفَّتْ لها الأَضواءُ و استحيَ القمرْ
صِحْتِ بالغَيْبِ : تَمَهَّلْ و تَرَفَّقْ يا قَدَرْ
يا حبيبي ، ما على الدُّنيا سِوانا
فاشْرَبِ  الليلةَ من خَمرِ  هَوانا
و ادْعُ  للأيامِ  أن ترعى  صِبانا

و بعينيكَ من الشَّوقِ فُتونُ
و بقلبي منكَ سِحْرٌ و جنونُ

                 ***
و صَحا الفجرُ و ضَيَّ المَهدُ رفّاف العبير
و سَرَتْ في بسمةِ الإشراقِ همسات الزهور
فانثَنَينا لوداعٍ .. و استَقَمْنا لِمسير
شَفَةٌ ذابَتْ على ثَغْري وأُخرى تَرْقُبُ
و يَدٌ تهتزُّ  في شَعري و عَينٌ تَسْكُبُ
و مَضى طَيفُكِ ظِلّاً شاعريا 
لمْ يُخَلِّفْ غيرَ  ذِكرى في يَدَيّا
و حَنينٍ  مُضْرَمٍ  في   شَفَتَيّا

و بِعينيكِ من الشَّوقِ فُتونُ
و بقلبي منكِ سِحْرٌ و جُنونُ

                    ***
كلُّ ما في الليلِ وَلّى و خَبا الضَّوءُ العليل
و خيالاتُ المُنى راحَتْ مع الفجرِ تَميل
و مضَى العُشّاقُ في أعيُنِهم حُلُمٌ جَميل
و خَلا الكَوْنُ بِدُنياهُ على روحي و قلبي
و بَقايا لَثْمَةٍ في كَأسيَ المَحْطُومِ قُربي
فَتَذَكَّرتُ  أَحاديثَ  الغُروبِ
و تَشَهّى ساعِدي خَصْرَ الحَبيبِ
غَيْرَ هَمْسٍ طافَ بِالشَّطِ القَريبِ

و بِعينيكَ من الشَّوقِ فُتونُ
و بِقَلبي مِنكَ سِحْرٌ و جُنونُ

                •••••••
أحمد جيجان _ دمشق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق