" أَرَأَيْتُمْ إِعْصارًا يَعودُ لِلْوَرَاءِ ؟ "( 1 )
قَبْلَ سُقوطِ القَذيفَةِ
كَانَتْ رُؤَى تُطالِعُ الدَّفَاتِرِ
تَرْسُمُ عُصْفورَةً وَ سَنَابِلَ
وَ تَتَأَتِئُ . . " طَاقُ طَاقٍ طاقيَّةَ
فِلَسْطينَ عَرَبيَّةً "
بَعْدَ سُقوطِ القَذيفَةِ
صَارَتْ عُصْفورَةً فِي السَّماءِ
تُحَلِّقُ بِاَلْرَفيفِ كَاَلْنُسورِ
تُغْني لِمَدِينَةِ الصَّلاةِ
تُزيحُ سَحابَةُ السَّوادِ مِنْ جِنينَ
وَ عَسْقَلَانَ وَ الجَليلِ
هِيَ الهَوَاءُ وَ الأَرْضُ وَ السَّماءُ
شَتْلَةَ نَخيلٍ فِي قَلْبِنا الحَزينِ
فَقَدْ مَضَتْ بِحُلْمِها تُعانِقُ النُّجومِ
وَعَلَى كَفَّيهَا الشَّيْخُ جَراحٌ وَ الخَليلِ
لَا أَتَذَكَّرُ إِلَّا شُموخَ أَهْدابِها
وَطيبُ الأَرْضِ مِنْ رُوحِهَا
( 2 )
مِنْ يُغَيِّرُ المُعادَلَةَ يَا رُؤًى ؟
غَيْرُ أَطْفالِ الحِجارَةِ
غَيْرُ فَتاةٍ الحِجارَةِ
غَيْرَ شُيوخِ الحِجارَةِ
فَمَا يَأْتي مِنْ وَراءِ البِحَارِ
عَارٍ وَ ذُلٌّ وَ انْكِسارُ
هُنَاكَ اَلْدَفَّةُ بِقَبْضَةِ أَشْباهِ الرِّجالِ
فَمَن يُقالُ عَنْهُمْ رِجالٌ لَيْسُوا رِجالَ
لَمْ يَتَغَيَّرْ فِيهم شَيْءٌ
سِوَى وَرَقَةِ التَّنْديدِ غَدَتْ مِخْمَليَّةً
مُنْذُ أَرْتوتٍ بِالنِّفْطِ أَرْضُنا العَرَبيَّةَ
وَ لَنْ يَتَغَيَّرَ فِيهم شَيْءٌ
إِلَّا إِذَا أَسْتَبِقَ السَّيْفُ السَّبَّابَةَ الوَهْميَّةَ
مَا لَمْ سَيَبْقَى الفَأْرُ فَأْرًا
وَ يَبْقَى النِّفْطيُّ
الرَّجْعيِّ
وَجْهَ الغُّربانِ
موَمَّسٌ فِي بِلادِ العُرْبانِ
عَرّابِ الشَّيْطانِ
( 3 )
لَمْ يَحْدُثْ أَبَدًا
أَنَّ عاهِرَةً سَجّانٍ بِهَذَا اَلنَّزَقِ
تَذَلُ مِنْ حَوْلِها دُونَ حَياءٍ
وَ الكُلُّ يَقْبَلُ أَقْدامَها
لَمْ يَحْدُثْ أَبَدًا
أَنَّ أَنيَنًا يَطالُ السَّماءَ
وَ مِجَسّاتُ حُقوقِ الإِنْسانِ
تَتَخَثَّرُ فِيهَا الكَلِماتُ
وَ يَتَعَثَّرُ البَيانُ
لَمْ يَحْدُثْ أَبَدًا
أَنَّ البِطْريقَ كَانَ يَوْمًا
حادي عَيسِ الطُّيُورِ المُهاجِرَةِ
لَمْ يَحْدُثْ أَبَدًا
أَنْ جَالَ فارِسٌ فِي الوَغَى
وَ سَيْفُهُ مَغْمورٌ بِاَلْصَدًى
وَ حِصانُهُ بِلَا سَرْجٍ وَلَا لِجامِ
و خَرَجَ مُنْتَصِرا
( 4 )
سَأُغْمِضُ عَيْنَايَ
لَنْ أَكْتُبَ مُعَلَّقَةً
جَبانَ أَنَا
لِأَنِّي عاجِزٌ عَنْ الِابْتِسامَةِ
عاجِزٌ عَنْ دَرْءِ السَّكاكينِ القادِمَةِ
فَطَّعَناتُ الظُّهْرِ قاتِلَةٌ
عَلَى الأَرْضِ المُسافِرَةِ
بَيْنَ الحَرائِقِ والْمَقابِرِ
وَ صَوْتِ الوَجَعِ القاهِرِ
يَا لَهَا مِنْ غُصَّةٍ سَدَّتْ كُلَّ الحَناجِرِ
وَ يَبْقَى وَجْهُها أُعْجوبَةَ القَصيدَةِ
وَ تَرانيمُ صَلاةٍ
وَ أَذانِ حَياةٍ
وَ سِرْبَ حَمّامٍ عِنْدَ الغُرُوبِ
وَ أَطْفالُ حِجارَةٍ
فَمَن قَالَ أَنَّ هَذَا زَمَنٌ لَا يَسْتَلُّ فِيه السَّيْفُ
فَرَواجُ اَلْمَباخِرِ فِي قَصْرِ السُّلْطانِ
لَا تَوَقُّفْ شَهْمًا عَنْ بَتْرِ الزَّيْفِ
( 5 )
اسْأَلْ وَليَّ الحَقِّ أَنْ اسْأَلْ
أَرَأَيْتُمْ إِعْصارًا يَعودُ لِلْوَرَاءِ
وَ يُفَكِّرُ بِالْهُرُوبِ ؟
أَيْ العَواصِفُ والْأَهْوالُ تَحْتَشِدُ ؟
و لَمْ فِي هَذِهِ الأَوْطانِ ؟
الدَّمُ النّازِفُ فِيهَا أَرْخَصُ الأَثْمَانِ
ضَاقَتْ بِنَا الأَوْطانُ بِمَا رَحَّبَتْ
نَاجِيُتْ كِبارُ القَوْمِ أَشْحَذُ بِطُولتِهِمْ
فُحولٌ فِي السِّلْمِ وَ فِئْرانٌ حِينَ تَحْشُدُهُمْ
كارِثَةٌ كُبْرَى تَطَوقُنِي
نِفْطٌ عَرَبيٍّ
يَقْتَاتُ مِنْ لُحومِنا
و مِنْ أَرْضِنا
فِلِيحْيَا الأَمْريكانُ
أَحْبَابُ أَحْبابِنا
وَلَهُمْ مَا شَاءُوا
مِنْ أَرْضِنا وَ دُمُنا
فَلَقَدْ عَلَّمَنِي النِّفْطُ الجَارِي
أَنَّ النِّفْطَ قِنّينَةٌ عِطْرٌ موَمَّسٌ عَرَبيٍّ
والْحِجارَةُ قَلْبُ طِفْلٍ مُقاوِمٌ أَبِي
عَلَّمَنِي الطِّفْلُ أَبْجَديَّةُ الِانْتِماءِ
عَلَّمَني عِناقَ الرَّصاصَةِ والْفَراشَةُ
وَ أَنَّ المُغْتَصَبَ تَنْتَظِرُهُ اَلْزُبالَةُ
( 6 )
فِلَسْطينُ فَتاةً جَميلَةٌ تُقاوِمُ
تَنْتَظِرُ مِنْكَ الإِقْدامَ
يَا نَبْضَ الضَّفَّةُ
فَأَعْلَنَهَا ثَوْرَةٌ
حَطَّمَ قَيْدَكَ
أَجْعَلَ لَحْمَكَ جِسْرَ العَوْدَةِ
تَجاوُزَ كُلَّ الأَقْزامِ
فَاَلْقُدْسُ فِي عُنْفوانِها
أَرَاهَا فِي اضْطِرابِها
تَّراقُصَ أَحْلامَها بِسَيْفِها
تُزَلْزِلُ الأَرْضَ بِشَبابِها
فِي صَمْتِها الطَّويلِ
كَانَتْ تُراقِبُ صَمْتَ العَرَبِ
وَهُمْ يَتَنَاسَلُونَ كَاَلْجَرَّبِ
فِي حِضْنِ أَبُو لَهَبٍ
وَ الدَّمْعُ يَقْطُرُ مِنْ أَهْدابِها
وَ جَداوِلِ الأَحْزانِ فِي أَعْماقِها
( 7 )
لَنْ أَبْقَى مَسْطولًا أَبْلَهُ
مَهْما تَكَلَّسَ القَوْلُ عَلَى الفَمِ
فَالْحَاكِمُ الأَحْمَقُ عالَةً
وَ إِزاحَتُهُ أَقْدَسُ عِبادَةَ
أَيقَارِنْ نَجْمُ غَزَّةَ ؟
بِنَجْمِ الصَّفْقَةِ
غَزَّةُ حِينَ تَزْأَرُ مِنْ خَلْفِ الأَمْواجِ
تُكْتَبُ الدَّقائِقَ الأَخيرَةُ
لِنِهَايَةِ الزَّمَنِ الأَعْرَجِ
فَالسَّلَامُ عَلَى غَزَّةَ كُلَّمَا أَنَّ فُؤادَها
السَّلامُ عَلَى رَامَ اللَّهِ عَرِينَ أَبْطالَها
السَّلامُ عَلَى القُدْسِ كُلَّمَا تَسْجَى بِشَبابِها
السَّلامُ لِإِعْصارِ حُرّيَّةِ طُرُقِ أَبْوابِها
يَزْبَلُ الضَّيْمَ وَ يُنْهي أَحْزانَها
وَ سَلَامًا لِأَحْرارِ الأَرْضِ فِي كُلِّ بِقاعِها
محمد سعيد حميد
مايو 2021
الجمعة، 21 مايو 2021
" أَرَأَيْتُمْ إِعْصارًا يَعودُ لِلْوَرَاءِ ؟ " بقلم الشاعر...محمد سعيد حميد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق