الأحد، 8 يناير 2017

للخوف ظل طويل بقلم منى الصراف

للخوف ظل طويل
 ----------------
( الخوف ظله طويل علينا فهمه كي نستطيع التغلب عليه .. هناك شيء أهم من الخوف هو الفشل والوقوع فيه وتبرير الشجاعة لتجاوز الجبن .. وأكبر مواجهة للخوف هي الخطوة الاولى لتعيش طيلة حياتك وأنت تشعر بنشوة الانتصار )
 كانت هذه وصايا جدة تقولها بعد كل حكاية من اساطير الخوف والرعب لاطفال مشاكسين لايعرفون السكينة والهدوء في نهارهم .
 طفلة شجاعة ! ترعب القطط السوداء وقت الغروب ولا تخشى محاكمة تقام ضدها من القطط وقاضيا وشهودا من البشر .. فهي عرفت اللعبة ! وفهمت الخوف وان حكايات جدتها صندوق دنيا عناوينه الرعب لكنه هو احد دروب الخيال .
 لم تتجاوز العاشرة من عمرها شعرها اسود كليل خال من ضوء القمر متموج كما هي امواج دجلة الهادىء حين يلامس بيوتاتهم المتراصة على ضفافه ، بيضاء وشفاه وردية حبات كرز في طور النضوج .
تحب اللعب كثيرا مع اطفال محلتها البغدادية العتيقة .
كانت تكره وقت الغروب وظهور القمر فهذا سبب كافي كي تترك اللعب والعوده الى البيت .
 نُسجت حكايات كثيرة حول بيت تسكنه الاشباح في محلتهم ، من الكبار قبل الصغار . بيت مهجور لم يتجرأ احدٌ أن يسكنه وأن فعلها شخص يولي هاربا بليل ظلام .
 اما اطفال المحلة سكنهم الرعب من هذا البيت ونسجوا حوله الحكايات والقصص وكيف حاول احدهم دخوله في ليلة مع رفاقه وبيده شعلة من نار سمعوا فيه صرخات وقهقهات وأواني تقرع وكيف خنق أحدهم في محاوله يأس حين رفع رأسه الى الأعلى لينظر ما حوله زادت وتيرة الخنق وضحكات تلك السعلوة الطويلة وجسدها يملاءه الشعر كما هو القرد حتى ان ظلها كان أطول من قامتها الممشوقة طلبت منهم الخروج من الدار وألا سيكون مص دمائم لها شراباً ..
ضحكت تلك الطفلة من قصصهم تلك وقالت لهم
- ألا تعلمون أن  للخوف ظلاً طويلاً !؟
ردوا عليها وكيف ذلك ألا تعلمين انتِ أن  السعلوة طويلة وتدخل قبراً وتخرج منه كلباً اسوداً وتدخل أخر وتخرج على هيئة غراب !؟
أخبرتهم أنها خرافات الجدات وحكاياتهن . عليكم مواجهة الخوف وأن تقفوا بصمود أمام  تلك السعلوة ذات الظل الطويل !
ضحكوا منها وسخروا قالوا لها واجهي أنتِ الخوف لو كنتِ حقا تمتلكين تلك الشجاعة  ادخلي البيت لوحدكِ .
كانت تنظر الى تلك العيون التي احاطتها بالسخرية والضحك على قدرتها وشجاعتها .
ردت عليهم بحزم
 - انتم جبناء هل تعلمون اني شجاعة وبشجاعتي أصل الى النجوم والجلوس على سطح القمر واشرب الشاي واكل الكعك مع جدتي !
زادت وتيرة ضحكاتهم قالوا لها
- لا نريدك ان تجلسي فوق سطح القمر ! فقط ادخلي هذا البيت وقت الغروب
قالت لهم وبكل ثقة
 - اذن لننتظر وقت الغروب ...
كان الظلام شديدا تلك الليلة والمحلة أصبحت شبه خالية من الحركة والمكان أصبح مخيفاً جداً
وقف الاطفال على مقربة من البيت المهجور ينتظرون دخولها  فيه .. حملت شعلة من نار كانوا قد صنعوها لها .
 شعرت لأول مرة في حياتها انها ليست شجاعة حين وضعت القدم الاولى عند عتبة الدار . كانت تخاف الفشل امام اصحابها لانها ستكون بعده فريسة الذل طوال حياتها ! بخطى مثقلة دخلت الى باحة الدار كانت تتمتم لنفسها :
احترسي فقط من الذي سيقف خلفك ليخنقكِ والذي يظهر امامكِ فجأةً
 شعرت بقلق حاد وسرعة في التنفس وقد جف الفم من ماء ورده ، اتسعت حدقات عينيها وارتجاف شديد للاطراف ، غصة في الحلق ونوبات من التجشؤ كانت تعتريها حين تواجه الخوف ازدادت ضربات قلبها شعرت انه سيغمى عليها اخذت تردد حروفا مرتجفةً :
 اصمدي انتِ شجاعة عليكِ الاعتراف بالخوف اولا لكن اياكِ والفشل لابد من الخروج من هذا الدار وانتِ تشعرين بنشوة الانتصار على هولاء الاغبياء .. هكذا علمتكِ الجدة .
سمعت اصوات تقرع وظلاً اسوداً طويلاً كان واضحاً أمامها تسمرت منها الأقدام  لم تشعر بهما وهذا التجشؤ زاد من وتيرته حين شاهدت عيوناً تلمع تشق ظلمة المكان ، صمدت للحظات والتفت خلفها شاهدت سعفة لنخلة متكئةً على الجدار عرفت بسرعة ذكائها المتقد انها السعلوة ذات الظل الطويل التي أرعبت الأطفال .. قفزت من امامها قطة سوداء اصابتها بالهلع خمنت ان تلك القطة كانت هي من تصدر هذا القرع في الأواني لتفتش لها عن بقايا طعام .. خرجت من الدار وبيدها تلك السعفة الطويلة وهي تهش قطة سوداءامامها تموء وابتسامة النصر على الشفاه .
السعلوه :- شخصية خرافية شيطانية انثوية شكلها غريب ومخيف وجسدها مليء بالشعر
منى الصراف /العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق