بغداد
--------------
الحسن عباس مسعود
--------------
ســمــع الــغــرام ســؤالـهـا وجــوابــي
فـاسـتـمطرت نـفـسي بـغـير سـحـاب
تـتـنقل " الـروحـاء" مــن كـتـب الـنـدى
لــهـوى الـقـلوب ، لـدهـشة الإعـجـاب
شــفـة الـعـلوم ودوحــة الـحـب الـتـي
شـــفــت الــعـلـيـل بــدجـلـة ورضــــاب
وجــزالــة الــشــدو الـصـهـيل وخـيـلـها
والــخــيـر مــعــقـود عـــلــى الأجــنــاب
ومــــــــآذن الــتــهـلـيـل شـــاهــقــة إذا
صــدحــت تــــوارت ضــجــة الأصــخــاب
هـبـط الـمـساء " بــذات حـزن " طـاويا
كــــــل الــنــجــوم بــظـلـمـة ومـــصــاب
بــكـت الـمـجـرات الــتـي كـــم هـلـلت
أسـفـت عـلـى أســد الـشرى بـالغاب
هـطـل الأســى كـالـسيل زمـجرجارفا
جــــنـــات تــــاريـــخ وألــــــف حـــجـــاب
والـــعـــاديـــات تـــجـــمــدت كـــراتـــهــا
والـــمـــوريــات تـــمــرغــت بـــخــضــاب
غــلـب الـضـباب فــأي عـاصـفة تــرى؟
وكـــانـــهــا دارت رحـــــــى بـــشــهــاب
ضـــرر تـسـتـر فـــي الــفـلا مـتـخـفيا ؟
أم كـــــان مـخـتـبـئـا مـــــن الأعــــراب؟
وَبَـــدَتْ لــهـمْ فـــوق الـخـيـال سـفـينة
فــمـضـوا إلـيـهـا بــيـن مـــوج ســـراب؟
فــتـحـطـمـوا ظـــمـــأً بــيــابــس أمـــــة
وتــألــمــت بـــغـــداد عـــنـــد عــتــابـي
بـــغــداد أنـــــت هــديــتـي وصـفـيـتـي
وحـبـيـبتي . ضـيـعـت كـيـف صـوابـي؟
شـــردت وأسـكـتـت الـمـنـي مـقـهورة
وكـــأنــهــا جـــبـــل مــــــن الأوصــــــاب
وبــكــت "بـمـربـدهـا" الــقـوافـي مـــرة
واســتـنـزفـت مــطــرا مــــع الــسـيـاب
يــا بـنت "بـابل" قـد سـفكت قـريحتي
وسـكـبـت نـــار الــحـزن فـــوق تـرابـي
فــقـدت لــديـك " الـعـامـرية " قـيـسها
فــتــمـلأت قـــصــص الــهــوى بــعــذاب
هـي مـا رأت فـي "الأعـظمية" هـائما
مـــــن " بــابــك الــشـرقـي" لــلأبــواب
وبــهـا ســألـت " أبـــا دشــيـر" كـاتـمـا
لــون الـسـؤال يـذوب فـي اسـتجوابي
هــل مــا تــزال هـنا الـعراق حـبيبتي؟
ولــم " الـهـوا الـشـرجي" بـلا إيـجاب؟
عصفت به حمم " الهوا الغربي" التي
آلــــت إلــــي " الـبـيـاع" أم لـمـرابـي؟
فــتـألـم " الـعـشـريـن " مــــن عـــداده
بــشــبــابـه وبــوجــهــه الــمـتـصـابـي؟
سـكـبـت عــلـي "الـجـادريـة" عـطـرها
حـيـن احـتـمت مــن هـجـمة الأغــراب
وبــــدت تــمـشـط شــعـرهـا بـأنـامـلي
فــتــكـفـل " الــمــنـصـور" بــالإعــجــاب
يـــا عـمـنـا " الـكـنـدي" بـــدل لـهـفتي
وانــقـل لـقـلـب " الـحـارثـية" مـــا بــي
أولــــم تــــزل راقٍ بـشـيـمـة حـسـنـها
وهــدوئــهــا وجــمــالـهـا الــمـنـسـاب؟
وعـلـى جـبـين "الـغـرب" بـانت "دورة"
بــنــخـيـلـهـا الــمــعــقــود كـــالأعــنــاب
يـــا ويـحـهـم قــتـل الـمـغـول مـديـنتي
وتــراقــصـوا فـــــي حــانـهـا بــشـرابـي
عـبـروا إلــى مـدن الـعروبة فـي دمـي
جــعــلــوا الــمــدائــن رثــــــة كــيــبــاب
كــســروا الــــدواة فـبـعـثـرت أحـبـارهـا
مـــا عـــدت أكـتـب غـيـثهم بـسـحابي
طـــغــت الــهــمـوم وحـــرهــا وتــرابـهـا
هـطـلت عـلـى قـلـمي وفــوق كـتابي
وغـــنـــاء أوطـــانـــي تـــبــدل شــاكــيـا
حَــــزِنَـــاً كـــبـــوم أو نــعــيــق غــــــراب
فـبـكي " أبــو نـوّاس" مـن فـيض الـبلا
وتـغـافـل " الـسـعـدون" عــن إطـرابـي
فـطـفقت فــي الـتاريخ أخـتلق الـهوى
عـــــــل الــــزمـــان يـــعـــود بـــالأتـــراب
ويــعـيـد أطـعـمـتـي وطـاولـتـي الــتـي
مـــن مـــاء دجــلـة أتــرعـت أصـحـابـي
ويــــلــــي أذاك فـــراتـــنــا وضـــفـــافــه
مــصـلـوبـة وبـــــدت بــلــون مــصـابـي؟
وطــن إذا اسـتـعصى وفــل مــن الـعدا
نــجــبــا لـــهـــم بــكــيـاسـة الالـــبـــاب
ســـاقــوا لـــــه أبـــنــاءه غـــــدروا بـــــه
لــيـمـوت فـــي عــيـش وبــيـن خـــراب
غــرســوا بــــه خــوفــا بــأبــدان بــــدت
عــربــيــة مـــــن غـــيــر مـــــا إعـــــراب
فـوجـئـت بــابـن سـلـول فــي إعـلامـه
وصــــدمـــت بــالـعـنـسـي والـــكـــذاب
وســجــاح صــــارت نــخـبـة بـمـسـائـنا
تــــدعـــو لـــردتــهــا بـــغــيــر جـــــــواب
وسـمـعـت فــيـه أبــا الـجـهالة يـعـتلي
كــــرهـــا مــنــابـرهـا بــغــيــر صــــــواب
قــتــلـوا الـــجــذور ومــزقــوا أشــلاءهــا
وتـــفـــاخــروا بـــأصـــالــة الأنــــســــاب
بـرقـت لــدى الأســلاف مــن أسـيـافنا
هــــنـــديـــة حـــجـــريـــة الأهـــــــــداب
فــــإذا بـــدوا مـــن شــرفـة الـتـاريـخ أو
نـــظــروا إلــــى الأحــفــاد بـاسـتـغـراب
لـتـبـرأوا خــجـلا عــلـى طــول الـمـدى
مــــاذا بــنــا يــدعــو إلــــى الإعــجـاب؟
أيــفــاخـر الــصــبـح الـــوضــئ بـلـيـلـه؟
والـشـمس هــل تـزهـو بـطول غـياب؟
تـــلــك الــفــروع أفــارقــت أغـصـانـهـا؟
وتـزاحـمـت فـــي كــومـة الأخــشـاب؟
هـــل تـسـتـوي ونـضـيـرة فـــي أيـكـها
وتـعـيـش فـــي رغـــد وفـــي تـرحـاب؟
وهــل الـفـريسة تـصـقل الـنـاب الــذي
سـيـفُـتُّ فـــي الأشـــلاء والأصـــلاب؟
وتــعــد فــيــه مــــن الـمـدائـح مـلـحـما
وتــهــيــم تـــذكــر رحـــمــة الأنـــيــاب؟
ودمـــاؤنـــا لـــــو مـــــا تـــــزال دمـــاؤنــا
لـــتــبــرأت مـــــــن خــيــبــة وعــــــذاب
أألـــــوم فـــرســا مـــزقــوا وتــطــاولـوا؟
وأعــاتـب الأحــبـاش وســـط ضـبـابي؟
وأقــــــول لـــلـــروم الـــذيـــن تــكــالـبـوا
ذبــحــوا الـنـخـيـل وتـمـرهـا بـحـرابـي؟
شــكـرا لــكـم فـلـقـد حـمـيـتم مـجـدنا
وقــتــلــتــم الأعــــــــراب بــــالأعـــراب؟
وجــعـلـتـم الأحـــــزان طـــعــم فــراتــنـا
وقـــديـــدنـــا وتـــراثـــنـــا الــمــنــســاب
دانــــت لــكــم ســبـأ وشـــام أذعــنـت
وتـــســـابــق الــجــبــنــاء بــالــتــرحـاب
أســـرت بـــلادي فـــي زنـــازن نـفـطها
وهــمـومـهـا صـــــارت كـــعــود ثـــقــاب
رســمــوا مـذلـتـهـا الـقـمـيـئة بـالـخـنـا
وتـــــدثــــروا بـــالـــخـــوف والأذنــــــــاب
قـــالــوا لــنــا عــــن طــفـلـة مــذعــورة
أصـــــل الـــشــرور وبـــــذرة الإرهـــــاب
فـــــإذا الـعـجـيـبـة فــارقــت أصـحـابـهـا
وتـــــبـــــدل الأعـــــــــداء بـــالأحـــبـــاب
ســلــبــت بــراقـعـهـا ومـــــزق ثــوبــهـا
فــــزهـــت بــعــفـتـهـا بـــغــيــر ثـــيـــاب
وحـــــروف مـعـجـمـنا أتــــت مــهـزومـة
قـــــد صـــفــدت مــكـسـورة الإعــــراب
مــــــا لــلــخـلافـة كـــســـرت أنــيـابـهـا
وتــفــرقــت فــــــي كـــثــرة الــحــجـاب
قـــد أوهــمـوا فـيـها الـثـعالب بـالـمنى
، وعـــــدوا الــجــبـان بــجــنـة وثـــــواب
وتــعــيــســة بــجــراحــهــا وتـــألـــمــت
مــخــضـوبـة لـــكـــن بــغــيــر خـــضــاب
وإذا الــخـيـانـة قـــــد بـــــدت مـــزهــوة
وفـــــخـــــورة بــربــيــبــهـا الـــمـــرتـــاب
الـــفــخــر ولـــــــى وانــــــزوت آمـــالـــه
وبـــكــت عــيــون الــقــوم بــالإسـهـاب
يــــا زهـــرة عــبـقُ الــزمـانِ زَهَـــا بــهـا
ثــــــم انــــــزوت لـــضـــراوة الــحــطــاب
أهــل " الـرشاد" تـعجبوا مـن صـبوتي
وتـــظـــاهــروا بــمــكــامـن الإطــــنـــاب
" يـالـلرصافة " هــل سـتـبدي شـرقها
وتـعـيد " دجـلـة " فــي مـتـون كـتـابي
أنـعـم " بـحـي الـشعب " يـحيي عـزه
وكـــرامـــة نــســيـت كــهــمـل تـــــراب
و " الـشعلة " انـتفضت لـتدفئ أهلها
" ذات الـسـلاسـل" أتــرعـت ألـقـابـي
رســمـت بـوجـه " الـصـالحية " نـورهـا
ولـــزهـــوة " الــطـوبـجـي" والـــطــلاب
وكـظـمـت غــيـظ "الـكـاظـمية" مـتـعـبا
ولـــغــضــبــة الـــتـــاريــخ والأحــــقــــاب
“ حــــي الــربـيـع " إذا أتـــى مـتـمـايلا
و" بــســبــع أبـــكــار" يـــــرد جـــوابــي
ولأعـــرف " الـيـرمـوك " أنـهـض خـالـدا
لــم أرض أن يـجـبي الـقـبيلة جـابي ؟
ظــهــرت شـمـائـلـك الــتــي أخـفـيـنها
فـي " الـكرخ " قـد لمعت مع الترحاب
عـــودي إلــى دار الـحـقيقة واشـربـي
نــخــب الــكـرامـة "ســيــد الأنــخــاب"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق