الاثنين، 25 مايو 2020

قصة بيت الاحزان/بقلم الاديب رعد الامارة

قصة (بيت الأحزان)

عاد أخي الذي يصغرني بثلاث سنوات في إجازته الدورية بعد مضي أيام قلائل على وفاة والدنا، كنا نجلس أنا وعمي واثنان من إخوتي الصغار في صالة الإستقبال، عندما دَخلتْ شقيقتي الكبرى والرعب يطل من عينيها، قالت وهي تتلفت حولها مثل الأرنب المذعور :
-لقد عاد، من سيخبره ؟ . أطلقتْ شقيقتي عبارتها هذه ثم لاذتْ بكتفي وهي تنتحب. تَوقفتْ خطواته عند الباب، راح ينظر نحونا وعلى شفتيه طفحتْ ابتسامته المعروفة! تقدّمَ صوب عمي الذي تلوّنَ وجهه وحاول أن يبتسم ، أدار كلتا ذراعيه حوله ثم أنزل حقيبته العسكرية، كانت ملامح وجهي جامدة عندما احتضنته فماتتْ ابتسامة شفتيه في مهدها، جلس بيني وبين عمي، إستندَ بظهره ثم راح يدير عينيه في الجميع، سأل مرة واحدة، بعد أن اصطدمت نظراته بثياب شقيقتي السوداء، قال:
-أين أبي!؟. لم ينطق بأكثر من ذلك، احمّرَ وجهه،فهم المسألة بسرعة، ضربَ جبهته بيده، ثم راح ينحب بصوت عالِ،دنوتُ منه في اللحظة التي أخذ يطرقُ فيها رأسه بالجدار خلفه! احتضنته من الخلف، حاول الإفلات مني،إنحنى برأسه للأرض ،لكني وضعت راحة يدي فراح يطرق برأسه فيها!كان عمي صامتاً، أما إخوتي الصغار فقد أمسك بعضهم بحافة الباب ،وقد غيمت ملامح وجوههم، همست شقيقتي بإذني بعد أن زحفتْ والتصقتْ بي من الخلف :
-مدّد جسمه، دعه يرتاح، سيهلك هكذا. كان أخي ينشج ويئن وقد وضعَ كلتا يديه حول رأسه، عاود البكاء عندما جذبتهُ ووضعت رأسه في حضني، رحت أعبث بشعره فيما كان فراغ الباب قد امتلأ بجسد أمي هذه المرة، كانت تحدّق في بنظرات جامدة لا أثر للحياة فيها. مَدّتْ شقيقتي الوسطى يدها وامسكتْ بذراع أمي، تقدمتا صوبنا، كانت أمي تمشي بطريقة آلية، جَلستْ دفعة واحدة عند جسد أخي المُمدّدْ ثم أخذتْ تُقلّبْ نظرها فيه، وضعتُ يدي على ظاهر كفها المخشوشنة، َتقلّصتْ اصابعها وهي ترمقني ببلاهة،رَفعتْ يدها ووضعتها على رأس أخي، إبتسَمتْ بضعف ثم تَخللتْ أصابعها شعره الأسود القصير، أكملتْ انشودتها التي أسمَعتها لي في وقت سابق :
-دللول يالولد يبني دللول، عدوك عليل وساكن الجول. (تمت 😔)

بقلم /رعد الإمارة /العراق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق